الإسلام دين الرحمة والإحسان والعدالة، ولم تقتصر هذه المعاني السامية العظيمة على الإنسان فقط، بل تجاوزت ذلك إلى غيره من المخلوقات التي خلقها الله تعالى، وقد أمرنا الله تعالى برحمة الحيوان والرفق به، كما أمرنا بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث، وبين عليه الصلاة والسلام الأجر الكبير الذي يكتسبه الإنسان من جراء رفقه وعطفه ورحمته بهذه المخلوقات، فقد نهى عليه الصلاة والسلام عن التمثيل بها أو اتخاذها هدفا للرمي أو تعذيبها، فرحمة الحيوان والإحسان إليه من موجبات المغفرة، وقصة الرجل الذي سقى الكلب ثابتة في السنة النبوية المطهرة، وقد ورد أيضا في السنة المطهرة أن امرأة دخلت النار في هرة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا»، كما قال عليه الصلاة والسلام: «في كل ذات كبد رطبة أجر»، والأحاديث الثابتة في ذلك كثير، سواء التي تحض على الرفق بهذه المخلوقات وترتب الأجر الكبير على الإحسان إليها، أو التي تحذر من الإساءة إليها بأي طريقة أو شكل، ونحن نتذكر ونتأمل هذه التوجيهات الربانية التي تؤصل لدينا العديد من المعاني الأخلاقية والمبادئ السامية ونطوف بهذه القيم الأخلاقية نلاحظ بعض الملاحظات الغريبة ليس بمجتمعنا فقط، بل في العديد من المجتمعات حولنا للأسف وباتت تظهر وتتنامى رغم معارضتها للتوجيهات الإسلامية والأخلاقية، بل تتنافى مع أبسط القيم الإنسانية، فما هي المتعة التي تتمثل في تعذيب الحيوانات التي لا حول لها ولا قوة ولا تستطيع الدفاع عن نفسها، فتارة نجد من يطلق بعض الحيوانات المفترسة على حيوان أليف ومستأنس ليضحك ويضحك من حوله على ذلك، وتارة أخرى نرى من يقذف الحيوانات المسالمة من سيارته أو من مكان مرتفع فتسقط بشكل مأساوي أليم، وتارة نفاجأ بمن يطلق بعض حيوانات الصيد الضارية على أخرى ضعيفة لتنهشها أو تفترسها وسط ضحكات هستيرية وأجواء يرى أبطالها أنهم يعيشون بها شيئا من المرح والنشوة والانبساط وشيئا من الوجاهة، كما لا يترددون في تصوير هذه المقاطع وبثها بالوسائل الإلكترونية ليراها العالم أجمع كما رأيناها، والحقيقة أن كل ذلك منافٍ لديننا الإسلامي الحنيف ومبادئه وقيمه السامية، ومتعارض مع أبسط المبادئ الإنسانية ومشاعر الرحمة والعطف والعقل والحكمة. والمفروض أن يكون هناك دور فاعل وهام لبعض الجهات الرسمية المختصة المسؤولة عن الثروة الحيوانية والحياة الفطرية في متابعة مثل هذه التصرفات غير المسؤولة، وملاحقة من يثبت تورطه بها قضائيا ومحاسبته على ذلك، مع سن أنظمة وقوانين صارمة لمثل هذه التصرفات اللا مسؤولة، والجميع ينتظر أن نرى مثل هذه القوانين قريبا إن شاء الله. خاتمة قال الشاعر: إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستحِ فاصنع ما تشاء