عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة هي ليلة القدر ما أقول فيها قال: قولي: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) رواه الترمذي وقال حديث صحيح. وفي الحديث توجهت إليه قائلة له: يا رسول الله أرأيت أي أخبرني، إن علمت أي ليلة هي ليلة القدر ما أقول فيها، أي إذا تأكدت وتيقنت وعلمت بليلة القدر فما الذي تنصحني وتوجهني أن أقول في هذه الليلة وبما أدعو، تريد أن تأخذ النصيحة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجابها عليه الصلاة والسلام بتوجيه كان قمة في البلاغة وقمة في الإيجاز، نصحها بقول يشتمل على دعاء موجز للغاية، وهذا من جوامع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لها قولي: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)، دعاء موجز، والأفضل في الدعاء، ما كان من جوامع الكلم، وما كان من جوامع الدعاء، وما كان شاملا وما يطلبه الإنسان يدعو به ربه من خير الدنيا وخير الآخرة، وكم في القرآن الكريم من دعوات اشتملت على خيري الدنيا والآخرة، مثل قوله تعالى: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار). لقد نصحها الرسول صلى الله عليه وسلم إذا صادفت ليلة القدر أن تطلب من ربها سبحانه وتعالى العفو «اللهم إنك عفو»، وصف لله تعالى بأنه صاحب العفو، وأنه كثير العفو، لأنه أكرم الأكرمين، ولأنه الرحمن الرحيم، فبدأ الدعاء أولا بالإقرار للخالق سبحانه وتعالى بأنه صاحب العفو وبأنه كثير العفو، وبين ذلك بأسلوب فيه تأكيد لهذا الأمر، وجاء بأن المؤكدة وسبقه بالنداء «اللهم» يعني «يا الله»، كأنك وأنت تدعو بهذا الدعاء وتناجي وتنادي ربك «اللهم» يعني تأكيد بأن التي تفيد التأكيد، وجاء بالكاف التي تفيد مخاطبته لله سبحانه وتعالى «اللهم إنك عفو» إقرار بأنه صاحب العفو الكثير والكرم الذي لا حدود له، ثم بعد ذلك يأتي في هذا الدعاء ما يوضح أن العفو هو الرحمن الرحيم «إنك عفو تحب العفو فاعف عني»، رب العزة سبحانه يحب العفو أي أنه مع متصف به كثيرا، فهو يحب العفو عن عباده يحب أن يشمل جميع الخلق بعد هذا كله بعد نداء رب العزة، والتأكيد والوصف بأنه عفو، بيان أنه يحب العفو جاء الدعاء بهذه العبارة «فاعف عني». صلى الله وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله ويا من أوتيت جوامع الكلم ويا من بعثك الله رحمة للعالمين. * رئيس جامعة الأزهر الأسبق.