رغم زيادة حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن الخريطة الاستثمارية التي اعلن عنها رجل الاعمال البارز رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية صالح بن عبدالله كامل لمدينة جدة، يمكن اعتبارها خارطة طريق تضع المدينة على الطريق الصحيح لتنافس مثيلاتها في المدن الخليجية. والخريطة التى تتضمن تركيزا نوعيا على الاستثمار الصناعي وحل اشكاليات المستثمرين أولا بأولا، وتدشين مراكز تجارية لعقد الصفقات بين الشركات التجارية في الداخل والخارج، تتسق بكل تأكيد مع التحديات القائمة على الارض، والصعوبات التي يواجهها قطاع الاستثمار على كافة المستويات باعتباره القاطرة التى تدفع الاقتصاد إلى الأمام. وباستعراض ابرز ملامح الخطة الاستثمارية، نجد أنها أولت أهمية قصوى لتطوير الاستثمار الصناعي في المرحلة المقبلة، باعتبار ذلك خيارا رئيسيا من أجل تعزيز مسيرة التنمية، ولا شك أن هذا الأمر يتطلب تسريع جهود إيصال الخدمات الاساسية الى المدن الصناعية المختلفة في المدينة، وحل الخلافات المتعلقة بتأجير الاراضي وزيادة الرسوم عليها، وبكل تأكيد، فإن النوايا الطيبة في مواجهة هذه التحديات لا تكفي على الاطلاق، وانما يتطلب الامر اعداد تشريعات مختلفة تعزز من بنية الاستثمار الصناعي، لا سيما على صعيد تمويل الاستثمار واستغلال الاراضي واسعار الخدمات المختلفة وفترة التراخيص وغيرها، أما بالنسبة لمركز تنمية الاعمال الذي يتصدر الخطة التي اعلن عنها كامل، فإنه يمثل خطوة ضرورية وملحة لتسهيل وجود كافة الدوائر الحكومية تحت سقف واحد من اجل التصدي لمعاناة المستثمرين المزمنة، وقد ثبت بالتجربة أن ضياع سنوات طويلة في متابعة التراخيص بين وزارة التجارة والبلديات وكتابات العدل وغيرها من الجهات قد يؤدي الى عزوف المستثمرين عن المشاريع، وهدر المليارات سنويا نتيجة التأخير في الانجاز. ويرتبط بذلك قدر الامكان تعزيز آليات حل نزاعات المستثمرين وتكريس الشفافية في قطاع الأعمال الذى عانى من الغموض وممارسات سلبية عديدة خلال السنوات الأخيرة. ولا شك ان احتواء الخطة على انشاء مركزين للاعمال يعد من أهم العوامل التي تدعم فرص التنمية في مدينة جدة باعتبارها قلب الوطن النابض بالحركة التجارية منذ سنوات بعيدة، أما مركز التشغيل والانماء الذي سيتم تدشينه فمن المتوقع أن يسهم في زيادة حجم الصفقات التجارية بين الشركات الوطنية والاجنبية، من خلال الدعم اللوجستى الذي سيقدمه المركز للطرفين، بما يعزز حجم الاستثمارات في مدينة جدة التي تحولت الى خلية نحل بفضل المشاريع المختلفة المخصصة لها في ميزانية الدولة. لقد أحسن الشيخ صالح كامل من خلال موقعه كرئيس لمجلس ادارة غرفة جدة بوضع معالم هذه الخارطة الاستثمارية من أجل غد اقتصادي افضل لمدينة جدة، وإن كان التنفيذ سيظل محاطا بعدة تحديات من أبرزها عناصر التمويل اللازمة لانشاء المراكز التجارية الجديدة والتطوير الصناعي ودعم المشاريع الصغيرة للشباب ووضع الآليات اللازمة من أجل تحسين البيئة الاستثمارية. وفي اعتقادي ان البداية الصحيحة تبدأ من الوعى بفلسفة الادارة الحديثة التي تقوم على حسن تقديم الخدمة في الوقت والمكان المناسبين وتحجيم البيروقراطية القادرة على ضرب كل الآمال والطموحات في الصميم. * عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بجدة