تتجلى قيم البر والإحسان والتعاون والتآخي والمسارعة إلى الخيرات بين المسلمين في أبهى مظاهرها خلال شهر رمضان الكريم شهر الرحمة والغفران والحرص على المثوبة والأجر، فيما تمثل السفر والموائد الرمضانية التي تقدم عند الإفطار في المسجد النبوي وفي الساحات المحيطة به وفي جل مساجد وجوامع المدينةالمنورة وهذا البلد الكريم بصورة عامة، واحدة من قنوات الخير التي تعبر عما يستقر في نفوس أبناء هذه البلاد التي تتخذ من الشرع الحنيف منهجا للحياة قولا وعملا من معاني البذل والعطاء والإيثار الذي جبلت عليه القلوب النقية. وبوسع المتجه إلى المسجد النبوي لأداء صلاة المغرب خلال هذه الأيام مشاهدة تلك السفر الرمضانية المدينية المشهورة مصطفة مترامية الأطراف في كل شبر من بقاع المسجد النبوي داخله وخارجه وفي الساحات المحيطة به وقد أعدها أهل الخير والإحسان الذين يتسابقون على ترتيبها لضيوف الرحمن من الزوار والأهالي والمقيمين على ثرى هذه الأرض المباركة. وأفاد مدير العلاقات العامة بوكالة الرئاسة لشؤون المسجد النبوي عبدالواحد بن علي الحطاب أن الوكالة تنظم الإفطار داخل المسجد النبوي وفي ساحاته بتهيئة جميع السبل للقائمين على هذه السفر بطريقة مرتبة ومنظمة بتحديد مواقع لهم. من جانبهم، تناول أصحاب الموائد والقائمين عليها، استعداداتهم المبكرة لهذا العمل في كل عام حيث يقوم بعضهم بإعداد الإفطار بأنفسهم في منازلهم من خلال شراء وجلب أفضل أنواع التمور المميزة والمشهورة في المدينةالمنورة ويتم تنظيفها وتخزينها في ثلاجات كبيرة وتوفير كل المستلزمات لهذا الشهر الفضيل. وشرح القائمون كيفية الاستعداد لهذا العمل الذي يتشرفون به منذ وقت مبكر يصل إلى شهرين والذي ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، مؤكدين أنهم سيورثونه بإذن الله لأبنائهم بقصد الأجر والقبول من الله سبحانه وتعالى سيرا على ما اعتاد عليه أهل المدينةالمنورة. وشددوا على أنهم يقدمون من خلال هذه الموائد داخل المسجد النبوي أفضل أنواع التمر للصائمين بالإضافة إلى الماء والقهوة ولبن الزبادي والخبز المديني المميز المعروف باسم الشريك، فضلا عن الدقة المدينية المعروفة بحيث تكون جاهزة قبل الظهر، ومن ثم يتم نقلها إلى المسجد من وقت مبكر ويقومون بمد السفر بعد صلاة العصر مباشرة ووضع وجبة الإفطار عليها وقبل إقامة صلاة المغرب يعملون على رفع كل محتويات المائدة في وقت واحد من خلال وضع الزوائد من رطب وشريك ولبن وغيرها بالتعاون مع عمال النظافة الموجودين في المسجد من أجل العمل جماعيا على نظافة موقع المائدة في المسجد النبوي. وأجمع عدد من أصحاب الموائد الرمضانية على أنهم يتشرفون بتجهيز السفر الرمضانية منذ زمن قد يصل إلى 40 سنة منهم من تتعدد سفرهم داخل المسجد في مواقع مختلفة. وأبدى عدد من الصائمين من زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إعجابهم وابتهاجهم بهذه المشاهد الإنسانية التي يجسدها أهل المدينةالمنورة من خلال هذه السفر الرمضانية داخل وخارج المسجد النبوي الشريف والمحتوية على أفضل أنواع التمور والمأكولات والمشروبات الباردة والساخنة على مدار الشهر يعدونها والابتسامة تملأ محياهم، معربين عن سعادتهم الغامرة بهذه التظاهرة الجميلة والإنسانية غير المستغربة من أهل طيبة الطيبة. وبدورهم، يحرص عدد من الشباب في منطقة المدينةالمنورة خلال رمضان، على تجهيز طعام الإفطار داخل المسجد النبوي والساحات المحيطة به في كل يوم من أيام الشهر الفضيل، وعلى الرغم من أن إعداد تلك السفر يستغرق حوالي ساعتين، إلا أنهم يقومون برفعها قبل إقامة صلاة المغرب. مصعب خليفة مسؤول عن عدد من سفر الإفطار داخل الحرم قال إن تجهيز السفر لا يأخذ وقتا"، مشيرا إلى وجود الكثير من الشباب الذين يرغبون بالمشاركة من دون أي مبالغ مالية طلبا للأجر وخدمة لضيوف الرحمن. فتحي مصطفى مسؤول في إحدى الجمعيات الخيرية أكد أن الجمعية جهزت أكثر من 25 سفرة أعدت بأيدي شباب سعوديين بعضهم بمكافأة مادية وآخرون متطوعون يرجون الآجر والثواب. وبين أنه رغم كثرة سفر الإفطار داخل ساحات المسجد النبوي الشريف التي تعد بالآلاف إلا أنه حين تقام صلاة المغرب ترفع عن الصفوف، وبعد الانتهاء من الصلاة تجهز مرة أخرى ليتسنى للزائرين الإفطار وتناول بعض من الشاي والقهوة والتمر.