يبدو أن العلاقة بين الشباب والفتيات والعمل بالقطاع الخاص، لا تزال ملتبسة أو غامضة، رغم أن مجريات الاقتصاد الحديث، تعتمد على تخفيف سيطرة الدول على الوظائف، إلا بما يعرف بالإطار الحكومي التنظيمي. وإذا صح ما كشفه التقرير، الذي صدر السبت الماضي، عن مركز التوظيف والتدريب بغرفة الرياض، عن الإقبال الضعيف من جانب الشباب السعودي على وظائف القطاع الخاص، وتفضيله العمل الحكومي، خاصة بعد الإجراءات التصحيحية الحثيثة لتوطين الوظائف، وتقليص عدد العمالة غير السعودية.. فإنه من الضروري أن لا تمر مثل هذه الأرقام الصادرة عن مركز «محترم» مرور الكرام!. الغريب، بل والمثير أيضا، أنه رغم أن معدل البطالة بين الشباب، اقترب من 12% بنهاية العام الماضي 2013، إلا أن تقرير المركز عن تقدم 1760 من السعوديين لشغل ما يقرب من 11751 وظيفة في 70 منشأة في القطاع الخاص، أي بنسبة 15 % فقط، مع الأخذ بالاعتبار أن رواتب تلك الوظائف تتراوح ما بين 4 إلى 10 آلاف ريال.. الأمر الذي يعني أن هناك خللا ما، لا بد من دراسته وتوضيح حقيقته، لنتعرف على الأسباب. إذا كان شبابنا وفتياتنا، يفضلون البقاء في خندق البطالة، بانتظار وظيفة حكومية، رافضين لمتوسط 7 آلاف ريال، في وظيفة بالقطاع الخاص، فإن هذه كارثة حقيقية، تستوجب تدخل الدولة، عن طريق إجراءات تحفيزية أولا، ثم عقابية ثانيا، بحسم حزمة أفضليات يجري تحديدها سواء في المعاملات الرسمية، أو الاجتماعية ممن يظل رهينة فكرة الوظيفة الحكومية فقط.. وبالمقابل، وكي لا نكون متعسفين، ينبغي بالمقابل التأكد من جدية هذه الوظائف، وأنها حقيقية وليست وهمية، أو مجرد «شو» إعلامي من بعض الشركات والمؤسسات، التي كم راينا العديد منها في مهرجانات التوظيف، وهي تضع شروطا تعجيزية لعرقلة توظيف الشباب السعودي القادر والمؤهل. حسب علمي وفق بيان غرفة الرياض، فإن الوظائف المعروضة متنوعة، في عدة مجالات غذائية وتقنية ومراكز تجارية إضافة الى قطاعات أخرى في مجالات خدمية وصناعية وسياحية ومقاولات.. وهذا التنوع في رأيي كاف لاستيعاب كافة الشرائح والمستويات التعليمية والتخصصية، وإذا كان شبابنا يرفض فرصة التوظيف وبراتب معقول، فلا يجب عليه بعد ذلك أن يشكو البطالة، ويلقي بالمسؤولية على الحكومة أو القطاع الخاص، لأنه من غير المعقول أن نكون دولة عدد سكانها نحو 30 مليون شخص، ثلثهم (أي قرابة 10 ملايين) من الأجانب، ثم يصرخ بعدها شاب أو فتاة، بأنه لا يجد عملا.