تمثل أسواق الأوراق المالية «البورصات» ترمومترا يقيس مدى أداء الاقتصاد والسياسة في أي دولة، فإن كان الوضع السياسي والأمني مستقرا، وكانت البيئة الاستثمارية مواتية كان الأداء الاقتصادي مستقرا، وبالتالي كانت المؤشرات الخاصة بالبورصة عاكسة لذلك الاستقرار في صورة ارتفاع لمؤشرات السوق، سواء في أسعار الأوراق المقيدة والمتداولة في السوق بمعدلات تعكس الاستقرار الاقتصادي، وحركة التداول، والعكس صحيح في حالة كان الوضع السياسي والاقتصادي هشا أو زلقا. والناظر إلى البورصة المصرية يجدها نموذجا لتلك النظرية، إذ فقدت مليارات الجنيهات طوال السنوات الثلاث الماضية، وخرج منها آلاف المتداولين يجرون وراءهم أذيال الخسارة، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في مصر نتيجة حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي، وبالتالي تراجع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي المصري من حوالى 35 مليار دولار في عام 2010 م إلى 14.9 مليار دولار في منتصف 2013م ، نتيجة حالة الاستنزاف والإنهاك التي تعرض لها الاقتصاد المصري، إثر الفوضى التي ضربت الشارع المصري على مدى السنوات الثلات الماضية التي تلت تخلي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن منصبه في فبراير 2011م. وما استتبع ذلك من تراجع مؤشرات البورصة، حيث انخفضت قيمة التداول في البورصة المصرية من 321.36 مليار جنيه عام 2010م إلى 148.22 مليار جنيه في 2011م، ثم مالبثت أن تحسنت نسبيا إلى 184.98 مليار جنيه في 2012م بعد إجراء أول انتخابات رئاسية وبرلمانية، ثم تراجعت مرة أخرى إلى 161.88 مليار جنيه عقب الفوضى التي اجتاحت الشارع المصري طوال حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وحالة عدم الاستقرار التي عانت منها مصر طوال السنة التي حكم فيها مصر وماتلا تلك الفترة، حتى بلغت 127.2 مليار ريال في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي(2014م). وقد تراجع رأس المال السوقي للأسهم من 488.20 مليار جنيه عام 2010م إلى 293.60 مليار جنيه عام2011م ، لكنها مالبثت أن ارتفعت إلى 375.60 مليار جنيه عام 2012م، ثم إلى426.80 مليار جنيه عام 2013م ثم إلى 476.3مليار جنيه في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي. إن المتأمل للأرقام يجد أن السوق المصرية بدأت تتنفس الصعداء بعد دخول سيولة عالية عقب فوز المشير السيسي بمنصب رئاسة الجمهورية فيها بعد أعوام من الجفاف المالي. ومن المتوقع أن تشهد السوق المزيد من الانتعاش بعد انعقاد مؤتمر الداعمين لمصر الذي يتوقع معه دخول استثمارات جديدة للسوق المصرية دعما لاستقرار الكنانة ونهوضها من كبوتها خلال السنوات المقبلة.