أكد عدد من الفنانين المصريين ل «عكاظ» أن الفن في مفهومه الشامل يلعب دورا مؤثرا في الحياة الاجتماعية والفكر الانساني ودعم تكوين الصورة المجتمعية والحضارية، وأن تأدية الفن يجب أن تكون وفق المفاهيم الإيجابية التي لا تتنافى مع قيم المجتمع ومعتقداته، والفنان الذي يجب أن يؤدي هذه الرسالة يقع على عاتقه أن يكون رمزا من رموز الوعي والذوق والثقافة، وهكذا يبرز افتخار الأمم والشعوب بفنانيها، مثلما تفتخر بقيادييها والشخصيات المجتمعية المميزة والمؤثرة، ووفق هذا المسار يستطيع الفن أن يؤدي دورا محوريا في مجابهة الفكر المتطرف والمتشدد، خاصة مع ظروف الأزمات المتعاقبة والمعقدة التي أثرت على جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسة والاجتماعية والأمنية في مصر خلال الثلاث سنوات الماضية. وقال الفنان محمود الجندي إن الفن في مصر منذ بداياته وهو في نفس الخندق في مواجهة مباشرة مع الفكر المتشدد والمتطرف، فمنذ قرابة المائة عام واجه المسرحي المصري سلامة حجازي الذي هاجمه المتطرفون وأصحاب الفكر المتشدد ووقفوا أمامه على المسرح، ولكنه نجح في أن يقدم رسالة فنية راقية واستطاع أن يجد دعما من أصحاب الفكر المستنير الذين ساندوه ووقفوا حينها بجانبه ومنهم الشيخ عبدالله نديم والإمام محمد عبده وأعادوا للفن مكانته مرة أخرى وأهميته التي لا غنى عنها، لأن الفن يمس خصائص حياتنا اليومية، كالملبس والمسكن ويلعب دورا في إزاحة الرتابة عنها، ونحن نحمد الله على سماحة ديننا الذي يتيح لنا مساحة لتقديم الفن في رسالته الحميدة التي تدعو إلى السلم ونبذ التطرف. ومن جهتها اعتبرت الفنانة المصرية دلال عبدالعزيز أن الفن مرآة للمجتمع وبالتالي يجب علينا أن نلغي صور التطرف ومظاهره وسلوكياته من أعمالنا الدرامية والسينمائية والبرامج التلفزيونية، والعمل الجاد على بث رسالة وسطية معتدلة نؤكد من خلالها على سماحة الدين ووسطيته. وأضافت إن التلفاز بلا شك وسيلة مؤثرة على المجتمع، وبالتالي فإن المرحلة المقبلة ونظرا لما واجهناه في السنوات القليلة الماضية من زيادة في معدلات العنف والتطرف والغلو، فإن هذه المرحلة باتت تتطلب غربلة شاملة لمستوى الطرح الإعلامي والدرامي والفني في التلفزيون والتركيز على توجيه هذه الأدوات نحو ترسيخ القيم والعادات الاجتماعية النبيلة والأخلاقيات الحميدة التي من خلالها يستطيع الفنان أن يؤدي دورا فعالا في منظومة الاستقرار التي نحن في أمس الحاجة لها الآن. بدورها قالت الفنانة حنان شوقي: «يجب علينا أن لا ننسى أن الفن بشكل عام هو مرآة للمجتمع، وبالتالي فإن ما يقدم من خلال الفن من السهل أن ينعكس على الشارع والرأي العام سواء بالإيجاب أو السلب، وهذا ما تسبب في إيجاد وصناعة خلل اجتماعي نتيجة لما يتم بثه من حيث مستوى ومحتوى الفن المقدم للجمهور، ولذلك نحن بحاجة ماسة لإعادة حساباتنا مرة أخرى ومراجعة محتوى وقيمة ما يقدم من فن، وأن نركز على البعد عن العنف ومظاهره وسلوكياته. وأضافت: «بفطرتنا نحب الخير وننبذ العنف والكراهية ونحب ديننا الحنيف ونقدر سماحته، ولكن هذه القيم التي نشأنا عليها ليست محصنة بالكامل من أي تأثيرات سلبية نتيجة لما يقدم للمجتمع من خلال الفن إذا ابتعد عن تقديم رسالة هادفة، وبالتالي يجب أن يضع الفنان في الحسبان تقديم ما يعزز المفاهيم والقيم الإيجابية والارتقاء بالفن لمواجهة تحديات اليوم. وفي ذات السياق أكد الفنان صلاح عبدالله أن كل فرد في المجتمع يجب أن يكون له دور في مكافحة التطرف والفكر المتشدد وما ينتج عنه من سلبيات خطيرة كالإرهاب الذي أمسى آفة خطيرة على استقرار الدول وأمنها، وتأدية هذه الأدوار بحاجة إلى توعية بها، ومن هنا يأتي دور الفن والفنانين كطرف من أطراف هذه المنظومة، وقال: «يجب أن نسلط الضوء أيضا على فئة الشباب لامتلاكهم طاقات هائلة تساهم في بناء الأوطان وتطورها أو العكس من ذلك تماما إذا وقعوا في أحضان الفكر المتطرف، ولذلك قمت بتوظيف الأدوات المتاحة لي كفنان وأديت أدوار فنية تنبذ التطرف مثل الدور الذي أديته في مسلسل «الجماعة» مع وحيد حامد وفيلم «دم غزال» من إخراج محمد ياسين وما إلى ذلك من أدوار على سبيل المثال وليس الحصر بالإضافة لعدد من المقالات التي كتبتها في هذا الشأن.