كان المجتمع يستمد من وسائل الإعلام الأخبار والتعلم والترفيه وتطوير الذات وكل ما يخص البيئة، والبدائل آنذاك قليلة إن لم تكن معدومة عند الأغلبية، فهذا يدل على علاقة قوية جدا ولكن من طرف واحد، حيث لم يكن الإعلام التقليدي يعير تطلعات وآراء المجتمع والفرد أي أهمية تذكر. ظلت هذه العلاقة على هذا المنوال حتى بعد ظهور الإعلام الجديد لفترة ليست بالقصيرة لأربعة أسباب هي: عدم وجود دعم رسمي وتنظيمي، وضعف الإعلام الجديد في بداياته، وكذلك صعوبة تقبل ملاك ومسؤولي الإعلام التقليدي لفكرة مزاحمة الإعلام الجديد لهم ناهيك عن قدرة الإعلام الجديد على اكتساح السوق إعلاميا وربحيا، السبب الرابع كون الإعلام التقليدي محكوم في خروج المنتج النهائي بعدة عوامل منها السيطرة شبه الرسمية ولذلك كان على صناع القرار الإعلامي استشعار التوجهات الرسمية بخصوص زيادة مساحة حرية الرأي ومدى قبول مشاركة المدارس الفكرية والدينية المتعددة وغيرها. بالطبع مميزات الإعلام الجديد هي سبب عزوف البعض عن الإعلام التقليدي ورغم أن هذه الوسائل استقطبت المفكرين والمثقفين وقادة الرأي العام إلا أن مشاركة الجميع على اختلاف توجهاتهم ونواياهم وقدراتهم جعل هذه الوسائل سلاحا ذا حدين. والعلاقة بين الوسائل والمجتمع قوية جدا ولا يمكن مقارنتها بأي إعلام آخر، إلا التلفزيون في قنواته الفضائية المتعددة فجمهوره مستمر ومازال يقدم إشباعاته الخاصة التي لم تتمكن منها وسائل التواصل الاجتماعي. القنوات الفضائية المرئية والمسموعة تفوقت على المنتج المحلي وأجبرته على محاكاة الشكل الخارجي لها، لكن عدم المحاكاة في المضمون، ولكن في عصر التقنية والمفاجآت الإعلامية والاتصالية لايمكن التنبؤ بمستقبل القنوات الفضائية ومدى استمرار هذه العلاقة المتينة مع المجتمع. أما الصحافة التقليدية فقد استطاعت بعد فترة ليست بالقصيرة من مواكبة التطور التكنولوجي والانفتاح الفكري في المجتمع وزيادة مساحة حرية الرأي إلى حد ما أدى ذلك إلى حفظ مكانتها الإعلامية وعلاقتها الجيدة مع المجتمع.. ورغم أن تكهنات الإعلاميين أنفسهم بالسقوط القريب للصحف الورقية بعد مزاحمة الإعلام الجديد لها لم يحدث ومازال بريق بعض الصحف الورقية ملحوظا في نسخها الإلكترونية، إلا أن استمرار ذلك غير مضمون. سلطان علي الشهري