لم ينس الشعبان الهنديوالباكستاني اتفاق حكومة نواز شريف الثانية عام 1999م مع حكومة الحزب الهندوسي القومي والمعروف باسم «بهارتيا جانتا»، برئاسة رئيس الوزراء انذاك بيهاري فيجباي، بتطبيع علاقات بلديهما والتوقيع على اتفاقية سلام من خلال ما سمي بدبلوماسية الحافلات والتي دشنها فيجباي في ذلك الوقت عندما قدم إلى لاهور من الهند على متن حافلة، وهي الدبلوماسية التي حققت اختراقا نوعيا في علاقات الجارين النوويين التي شابتها توترات منذ استقلال البلدين عام 1947م. ويوم أمس أعاد التاريخ نفسه عندما شارك نواز شريف في حفل تنصيب ناريندر مودي كرئيس لوزراء الهند، وهي المرة الأولى التي يحضر فيها قائد من أي من الدولتين مراسم تنصيب نظيره منذ أصبحتا مستقلتين، مرسلا رسالة إيجابية مباشرة لتحسن في علاقات الجارين اللذين خاضا ثلاثة حروب. ومن المؤكد أن انتخاب الهندوسي مودي أثار مخاوف كبيرة لدى مسلمي الهند البالغ عددهم 200 مليون نسمة، إلا أن هذا الفوز بعث آمالا لدى باكستان المجاورة بحدوث اختراق نوعي في العلاقات وانبعاث تقارب حقيقي بعد فترة طويلة من التوتر، خاصة أن شريف أثنى على «الفوز المذهل» الذي حققه مودي بفوزه بالغالبية المطلقة وهي أول نتيجة من نوعها يحققها حزب واحد هندي منذ ثلاثين عاما. ومن الواضح أيضا، أن شريف الذي عقد اجتماعا مثمرا هو الأول من نوعه مع مودي أمس، وقال إنه يحمل رسالة سلام للشعب الهندي، أستند إلى إرث العلاقات القوية التي أقامها مع فاجبايي. وبحسب مقربين من شريف، فإنه كان ينتظر فوز حزب البهارتيا لكي يطلق سراح العلاقة مع نيودلهي والتي لم تكن على وئام مع حزب المؤتمر الهندي برئاسة سونيا غاندي. وربما يعكس الاطمئنان الباكستاني في حديث حسين نواز شريف نجل رئيس الوزراء الذي رافقه في هذه الزيارة، عندما قال لقناة إن دي تي في الشهيرة، يهمنا تعزيز العلاقات بين الشعبين والدخول في مرحلة البناء والتعمير لبلدينا وإحلال الأمن والسلام في منطقة جنوب آسيا. ومع فوز كل من شريف ومودي بتفويضين قويين من شعبيهما، حيث فاز شريف بغالبية المقاعد في الانتخابات التي جرت العام الماضي، يؤكد المراقبون أن عملية السلام المتعثرة بين البلدين ستشهد اندفاعا جديدا خاصة أن القيادتين الهنديةوالباكستانية لديهما قناعة أن زمن الحروب ولى، وعليهما العمل لتحقيق رفاهية شعبيهما. وستعمل باكستان للتعامل مع مودي الهند لتحسين العلاقات وإرساء الأمن في منطقة جنوب آسيا وتغيير الصورة النمطية القديمة لهذه العلاقات، خاصة أن الأجواء متوفرة لكي يتحقق السلام في عهد مودي وشريف أكثر منها في ظل حكم حزب المؤتمر، حيث يرتفع سقف الآمال بأن يدب الدفء في أوصال العلاقات الفاترة بين الجارتين النوويتين.