بدأ رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي ولايته أمس الثلاثاء بمحادثات مع نظيره الباكستاني نواز شريف سعياً لإحياء الحوار بين البلدين المتوقف منذ اعتداءات بومباي الدامية عام 2008. وكان الزعيم القومي الهندوسي قد أثار مفاجأة الأسبوع الماضي بدعوة شريف إلى حفل تنصيبه، في بادرة اعتبرت إشارة انفتاح على الدولة المجاورة. وأدى مودي الذي قاد حزبه القومي الهندوسي إلى تحقيق انتصار واسع في الانتخابات التشريعية اليمين مساء الاثنين بحضور قادة ست دول من جنوب آسيا، بينهم نواز شريف، قبل أن يعلن صباح الثلاثاء تشكيلة حكومته. والتقى الرجلان ظهر الثلاثاء، وعقدا اجتماعاً استمر خمسين دقيقة، وظهرا عند مدخل القصر الذي اجتمعا فيه، وتصافحا وهما يبتسمان أمام عدسات المصورين. ويُعتبر رئيس الوزراء الهندي الجديد من أنصار الخط المتشدد في حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا)، بما في ذلك داخل صفوف حزبه، كما يثير الريبة لدى شريحة كبيرة من الباكستانيين منذ أعمال الشغب التي شهدتها ولاية غوجارات عام 2002 في وقت كان يديرها منذ بضعة أشهر، واستهدفت المسلمين فيها. لكن باختياره دعوة نظيره الباكستاني إلى حفل تنصيبه أسقط مودي حجج العديد من منتقديه؛ إذ لم يسبق لأي رئيس حكومة في البلدين أن حضر مراسم قسم نظيره من قبل. ووعد مودي في أول رسالة يوجهها بدفع الهند للانخراط «في الأسرة الدولية من أجل تعزيز قضية السلام في العالم والتنمية». واللقاء بين مودي وشريف هو أول لقاء لرئيسي حكومتي البلدين يُعقد على الأراضي الهندية منذ قطع العلاقات الثنائية بعد اعتداءات بومباي التي أوقعت 166 قتيلاً عام 2008. ونسبت هذه الاعتداءات إلى جماعة عسكر طيبة الباكستانية التي اتهمت أيضاً بشن هجوم الجمعة على قنصلية هندية في غرب افغانستان. ووجه الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الاتهام إلى عسكر طيبة في هجوم الجمعة، غير أن رجلاً قدم نفسه على أنه متحدث باسم المجموعة نفى ذلك في اتصال هاتفي بمكتب وكالة فرانس برس في كشمير. ولا شك أن محادثات مودي وشريف تناولت مسألة المبادلات التجارية بين البلدين وقضية المجموعات المناهضة للهند الناشطة انطلاقاً من الأراضي الباكستانية، بحسب المراقبين. ورأى شريف في مقابلة أجرتها معه صحيفة هندوستان تايمز الثلاثاء أن وصول مودي إلى السلطة في الهند يشكل فرصة مواتية لتحسين العلاقات بين البلدين. وقال «إنها فرصة تاريخية حتى نفتح صفحة جديدة. حكومة مودي الجديدة لديها تفويض قوي، وإنني أتطلع لاستئناف العلاقات التي تركناها مع فاجبايي عام 1999». وكان شريف يشير بذلك إلى العلاقات الجيدة التي كانت تربطه برئيس الوزراء الهندي آنذاك اتال بيهاري فاجبايي الذي كان ينتمي هو أيضاً إلى حزب بهاراتيا جاناتا. ووقع فاجبايي عام 1999 اتفاق سلام في لاهور (شرق)، أحيا لفترة قصيرة حلم تطبيع العلاقات بين القوتين النوويتين المتخاصمتين. وتواجهت الهند وباكستان في ثلاث حروب منذ استقلالهما في 1947، وتعيشان حتى الآن توتراً، وخصوصاً على خلفية منطقة كشمير المتنازع عليها، وذلك بالرغم من تحسن طفيف في نهاية ولاية رئيس الوزراء الهندي السابق مانموهان سنيغ.