دع في الخلف كل هذه الأحلام.. دع كل الانتفاضات.. وكل الأصوات وكل الأحداث وأنين الجرحى.. والثكالى.. والبائسين.. والباحثين عن مأوى.. دع كل هذا ونم. أنت، يا سيدي، تسقط جزئيا وتستهلك على نحو لا يرضيني.. وأنت لا يبقى منك شيء.. إنك تقف على رأسك وليس رأسك بذي قيمة.. إنك تهدر في جوف الأرض.. وعلى أعمدة الصحف.. وهذا وحده لا يكفي.. ولن تغير الكون.. ولا حال الدنيا!!. يا سيدي، مهدورة إنسانيتي بكل هذا الرضا.. وأنت منزوع الرأس بجانبي، وماذا أفعل برجل بلا رأس.. إنك تغادرني.. وأنت ملتصق بي أنت منفصل تماما بارتعاشة شفتيك ورموش عينيك.. إنك تمتطي كل أحلامك وترحل!!. لقد اخترتك يوما وأخفيتك في حدقاتي وفي سمعي وبصري وأين أنت تركتني.. لقد هالك، يا سيدي، أن تكون واضحا.. وصريحا.. فانتعلتني زوجة وأنت رأسك لك ورأسي ليس لي. لقد تركتني بيتا يسعى خلف سلالمه الصغيرة ليقف عليها وتصعد أنت إلى بيتك قبل أن ينهار. تركتني الممر الضيق والقصير الذي يتلوى في العتمة ويتوه، ولم تدعني أصل إلى تلك الشوارع المضاءة لأبصر معك وبك الطريق.. إن لي قلبا، يا سيدي، لا يكف عن الخفق والدعاء لك وطفلا صغيرا تهتف أنت من عينيه كل صباح.. أنا قاصرة النبض والفهم.. ولكن لن أدعك تهرب مني.. أنت مساق بأحزانك وأنت كل حزني. وأنت من يلتف الحرف حول عنقه.. ويعذبه ويشقيه وينتزعه مني. وأنت من سفحت الليل من أجله وأضعت عمري لن أدعك تهرب مني.. سأشنق كل هذه الحروف سأمزقها سأطعنها بالسكين سأحرقها بناري.. ناري أنا التي أشعلتها أنت يا سيدي الشجاع على امرأة.. ماذا يعني.. كل كلامك هذا.. وماذا تود أن تقول.. ولماذا كل هذا الاغتراب.. وماذا يمكن أن تكتشف تحت السموات السبع وما الذي يمكن أن تواجهه.. أو تحمل عبئه.. أو تعمل على الخلاص منه وحدك.. الحرب.. وجدت قبل أن توجد.. والشر.. والموت والظلم.. والطغيان.. والفساد.. والدمار.. وكل من يصنعها هم في النهاية والبداية معا يرون أنهم على حق.. أنت لا تدرك أن من يسعى إلى الحرب يملك إصرارا شرسا على صناعة الموت.. وهؤلاء القتلة المحترفون.. لن يمنعهم أحد.. ولكنهم سيموتون أيضا.. فذلك هو القدر الطبيعي لكل الطغاة على الأرض.. والأمر ببساطة أن الجميع يقفون في مواجهة الموت قتلة ومقتولين.. وبعد الموت لا أزيد.