في المقال الماضي، كتبت عن التدافع الذي كثيرا ما يحدث، مخلفا مشاهد أقل ما يقال في وصفها: غير حضارية. وعلى إثر ذلك المقال راسلني أحد الأصدقاء الذين شأنهم شأن دقات القلب، معاتبا لغة المقال التي تكاد تحمل القضية جملة وتفصيلا مساحة شبابيك التذاكر الصغيرة، دون الانتباه إلى السلوك غير اللائق والمتجذر في تصرفات كثير من الناس. وفي معرض إجابتي، قلت: بأني أفهم أمر السلوكيات العارضة تحت كثير من الأسباب، لكني في ذات الوقت أعلم يقينا أن الجزء الأكبر من الحل يكمن في استنفاد جميع الوسائل التي بإمكانها ضمان تقليص وتجفيف كل هذه الفوضى المبللة بالقرارات غير المدروسة. شواهد مثل هذه القرارات كثيرة، كتبت منها ما كتبت، وأزيد في هذا المقال لصديقي الحبيب : ما أعلنه المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم قبل أيام في تويتر، ونص ما كتبه: « من لم يعلن اسمها من خريجات معاهد المعلمات وكانت قد استكملت بيانات توظيفها فعليها مراجعة الوزارة بسجلها المدني لاستكمال ما قد يكون لديها من نواقص». حين طالعت هذه التغريدة، تخيلت المراجعات والملف العلاقي والصور الشمسية وسوالف قديمة في المعاريض والزحامات التي تأخذ صفة التدافع الحزين في كثير من الدوائر الخدمية والوزارات. تخيل ياصديقي مثل هذا الإعلان.. بعيدا عن تطلعات الحكومة الإلكترونية والقفزات الضوئية التي تحتاج عمرا إضافيا فوق العمر الذي نعيش. ألا يعلم مسؤول الوزارة العنت والتعب في الخارج؟، ألا يدرك حجم الحجوزات المنتظرة في المطارات ومشقة السفر من أجل إبراز الهوية الوطنية؟، ألا يعلم أن مثل هذا الأمر يمكن أن يتم بطريقة سهلة وميسرة، خاصة أن التقديم استوفى أغلب المتطلبات؟، ماذا لو قال: هناك رابط إلكتروني للاستفسار برقم السجل المدني، والتأكد من البيانات، وإرسال الناقص منها عبر الإيميل؟. ماذا لو قال على الأقل القليل: إرسالها إلى أقرب إدارة تربية وتعليم؟. هل هذا صعب وغير منطقي ومستحيل ولا يمكن حدوثه بتاتا البتة؟. أعان الله كلا على كل .. وكفى.