«اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم* علم الإنسان ما لم يعلم» الحمد لله والشكر لله أعطى ويسر، والثناء والولاء لمن مكن وعمر. استوقفتني هذه الصورة، وعبرت لي بأكثر من «ألف كلمة وكلمة»، ورسمت الدلالة العميقة والرسالة الصادقة التي بعث بها سيدي خادم الحرمين الشريفين لهذا الفتى فيصل الغامدي عندما استدعاه وقدم له قلمه يحفظه الله ويرعاه، في هذه الليلة من تاريخنا المضيء وهذا المحفل الرياضي القمة بتدشين هذا الصرح الرياضي الكبير مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرياضية بمحافظة جدة من منطقة مكةالمكرمة، وحضوره الحفل وتقديم كأسه بيديه الكريمتين لنهاية موسم رياضي، وبداية عهد رياضي جديد سطره سيدي لمستقبل أجيالنا الرياضية. الشباب هم مستقبلنا، وما قدم لهم شاهد على إيمان القيادة بأنهم بإذن الله قادة المستقبل. فالمستقبل والاستثمار فيه بهذه الصروح وتحقيق آمال القائد الوالد عبدالله بن عبدالعزيز مقرون برسالة «القلم». «إقرأ» و«القلم» كلمتان متلازمتان في دلالتهما، فالمولى عز وجل ربطهما بفاتحة رسالته الإلهية التي نزلت على هادي البشرية ومعلمها الأول صلى الله عليه وسلم. ولذا، فحين يقدم خادم الحرمين الشريفين قلمه لأجيال المستقبل، فإنه أراد أعزه الله تأكيد رسالة الإسلام السامية، التي تقوم على التفكر والتبصر والعلم والمعرفة. بالقلم والعلم والمعرفة حققت أرامكو رؤية ملك، وجسدتها بهذا الفن المعماري الجميل، ونفذتها بإدارة موارد قادرة متمكنة نسقت وجدولت وصرفت، ثم أبدعت بأيادٍ وشركات سعودية في وقت قياسي سعودي في الإنجاز، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تحقيق رؤية الملك، فالتجربة الأساس كانت على بعد مسافة قريبة من هذا الصرح، ألا وهي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي غدت بفضل الله صرحا علميا شامخا. إن من استأمناه على ثروتنا الناضبة، هو من نراه يسهم ويؤسس في بناء حصون ثروتنا الدائمة، ما حققته أرامكو السعودية في مسيرتها منذ أكثر من سبعين عاما، بأهدافها ورسالتها لتطوير الاستثمار في ثروات الوطن، أساسه الإنسان القادر المتسلح بالعلم والمعرفة، سواء بالتعليم أو التدريب أو الاستقطاب للعقول أو الاستثمار أو التقنية والبحث والتطوير، وهذا هو صلب رسالة «استراتيجية المعرفة»، التي تشرفت «مجموعة الأغر للفكر الاستراتيجي» بعرضها على مقام سيدي في 25/3/1428، كما أن التحول إلى الاقتصاد المعرفي هو ما تبنته الدولة أعانها الله في خطتها الخمسية العاشرة، وما وجه به في2/1/1433 سيدي خادم الحرمين الشريفين، وزارة الاقتصاد والتخطيط لتنفيذ «استراتيجية المملكة نحو التحول إلي مجتمع معرفي». ولا ننسى أن عبدالله الوالد القائد هو من وضع حجر أساس مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي احتفاء بذكرى تأسيس شركة أرامكو السعودية، ليكون منارا للمعرفة ورسالتها، وأول الخير قطرة نراها تروي عطش شبابنا في برنامج «إثراء المعرفة» الذي يجول أرجاء الوطن. ما تمناه وما أعطاه الأب عبدالله بن عبدالعزيز لابنه، ممثلا للشباب السعودي ومحملا برسالة قلمه، هو ما نتمناه نحن السعوديين أن يتحقق في بناء صروح تعليمية متخصصة لاستيعاب هذه الطاقات من أبنائنا وبناتنا، بناء على ما أوصت به الدراسة، التي قام بها المعهد الكوري KDI لوزارة الاقتصاد والتخطيط لتنفيذ «استراتيجية المعرفة»، وذلك بتكوين شراكات بين الدولة والقطاع الخاص والشركات العالمية لتمكين المنافسة والإبداع والاستثمار في تنمية مستدامة وقيمة مضافة تضمن لأجيالنا مستقبلا منتجا ومتطورا في عالم تسوده التقنيات المعرفية. فتجارب أرامكو السعودية الناجحة في المساهمة بتحقيق رؤى خادم الحرمين الشريفين هي خيارنا لنحقق رسالة قلم عبدالله بن عبدالعزيز أمد الله في عمره ليرى ما تمناه وعمل من أجله يتحقق بقدرة المولى وتمكينه. ولمن يعرفني أقول: إنني كتبت هذه الكلمات بقلم أخضر لمستقبل أخضر، ولوطن يستحق أكثر، لثقتي في الله قبل كل شيء، ثم بآمال القيادة وعطائها لمستقبل التعلم والمعرفة وصناعتها وتوطينها، واستثمارها في التطوير والتجويد، وباختيارها لقيادة مسيرة التربية والتعليم واستئمان من هو قادر بإذن الله بتجارب إدارية ناجحة؛ ليرتقي بنا إلى ما نستحقه بما أعطانا وكرمنا المولى من مكانة وإمكانات يفخر ويعتز بها الوطن والمواطن.