توقعت من معالي وزير المياه والكهرباء أن يشكر مزارعي الزيتون الذين نجحوا بوعيهم المائي بأن يتحولوا بفترة وجيزة من مزارعي نخيل إلى مزارعي زيتون، فالزيتون لا يستهلك ربع ما تستهلكه النخيل من الماء. وتوقعت كذلك من معاليه أثناء تصريحاته الأخيرة التي أقامت الدنيا ولم تقعدها لبرنامج الثامنة، أن يكون أكثر صراحة ومباشرة في توجيه أصابع الاتهام لمن استنزفوا المياه وجففوا الآبار في كل مناطق المملكة حتى حطت رحالهم ومعداتهم وشركاتهم أخيرا في بسيطاء الجوف، حيث تم حفر آلاف الآبار التي تعمل ليل نهار لينتجوا لأغنامهم أعلافا. تمنيت يا معالي الوزير أن تؤكد أو تنفي لنا ما قاله لي أحد المسؤولين المعنيين بأن كمية المياه المستنزفة يوميا من بسيطاء الجوف لإنتاج الأعلاف تزيد ثلاث مرات عن كمية المياه التي تضخ يوميا في نهر ليبيا العظيم. ليت معالي الوزير حدثنا عن سبب فشل الوزارة في وقف زراعة وإنتاج الأعلاف.. ولماذا لم تنجح الوزارة في ذلك مثلما نجحت بوقف زراعة القمح والذي يتسبب بمخاطر بالغة ومساس مباشر بالأمن المائي. وكما تعرفون ليس القمح كالأعلاف من حيث استهلاك المياه، فالأعلاف محصولها على مدار العام، بينما القمح محصوله موسمي. منذ سنوات وأنا أتابع حملة وزارة المياه والكهرباء لترشيد المياه وقد كانت حملة احترافية بحق، وكانت موجهة بالكامل ضد زراعة الأعلاف، وضد هدر المياه في البيوت وفي الشبكات والتمديدات المتقادمة والتالفة، لم تتطرق الحملة تلك لشجر الزيتون على الإطلاق، فلماذا تم الزج بالزيتون في حديث معاليكم مع الأستاذ الشريان مقدم برنامج الثامنة، إذ أصبح الزيتون فجأة خطرا محدقا بالأمن المائي! إذا كانت زراعة الزيتون خطرا على الأمن المائي، فهل هذا يستند إلى دراسات علمية صحيحة؟ لماذا تتبناه وزارة الزراعة؟ ولماذا تحتضن جامعة الجوف مركز أبحاثه بين مراكزها؟ هل لدى وزارة الزراعة استراتيجية للأمن الغذائي تتعارض مع استراتيجية الأمن المائي لدى وزارة المياه؟ لماذا لا يدرس مجلس الشورى الاستراتيجيتين ويخلص منهما باستراتيجية وطنية للأمن المائي والغذائي؟ وهل مهرجان الجوف للزيتون لا يعرف بالمعلومة التي تحدثتم عنها في الثامنة؟ لماذا تصدر كل هذه التناقضات عن مؤسسات حكومية رسمية، و لماذا تدخلون الناس والرأي العام في جدل كان يجب أن تحسمه أولا المؤسسات الحكومية الرسمية؟. أخيرا، عندما قال الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الأب، بأنه لا يحب البروكلي، تقاطرت الشاحنات محملة بالبروكلي وأفرغه مزارعو البروكلي أمام البيت الأبيض احتجاجا على انتقاد الرئيس الأمريكي للبروكلي، لكن مزارعي الزيتون في الجوف لا يملكون شاحنات يأتون بالزيتون ويفرغونه في استوديو الثامنة، احتجاجا على وصف الزيتون بأنه دخيل علينا، وهو المحصول الأول في الجوف، ويعمل في زراعته وصناعاته آلاف المزارعين، وتعتمد عليه مئات الأسر، فضلا عن البعد الثقافي للزيتون في الجوف خاصة والشمال عامة. * مستشار إعلامي