«لن تشتري منزلا إلا إن كنت وارثا».. هكذا أجاب أحد كبار السن عندما سئل النصح عن كيفية إمكانية شراء منزل من راتب متوسط، ولأن هذا السؤال يراود أحلام الكثير، لكن «العين بصيرة واليد قصيرة»، فرب المنزل خالي الوفاض من منتصف الشهر، وراتب العشرة آلاف ريال لا يكفي إيجار منزل متوسط بقيمة عشرين ألفا، وإن وجد هذه الأيام بهذه القيمة بعد غلاء أسعار الإيجار وفاتورة كهرباء وفاتورة هاتف نقال ولوازم مدرسية لمتوسط أسرة من خمسة أفراد ومواد غذائية تكلف شهريا على القليل ألفي ريال، وقسط سيارة «وهلم جرا» من مصاريف لا تعلم من أين تهبط ومن يتلقفها، ناهيك عن أن وصفنا نفس الموضوع على مطلقة أو أرملة تعول أولادها براتب مماثل، فقيمة شراء منزل إن افترضنا مليون وستمائة ألف وعمر افتراضي للشاري 70 سنة، وقد أؤمن له السكن حتى عمر أربع وعشرين سنة يتبقى ست وأربعون سنة من عمره، وبقسمة المتبقي من العمر ينتج قيمة سنوية 34782، وهو رقم معقول إن لم تكن هناك فائدة كبيرة بنكية والحلول تبدأ من هنا من ثقافة مجتمعية، وهي هل ترتضي تملك سكن في حي شعبي كما تفعل أغلب الشعوب العربية من متوسطي الدخل، وهل ترتضي استبدال تملك شقة عن فيلا ومسبح، وكيف ستقلص مشترياتك لتستفيد من فائض في الراتب هنا «ماذا ستقول سعاد أو فاطمة إن لم اشتر فستانا من شارع التحلية وحضرت الحفل بفستان من «سوق البوادي» وأين الستائر الجديدة وأين شنطة ابني المدرسية «الماركة» ستقول سعاد بأني فقيرة؟ وكيف لا تكون فقيرا إن لم تؤمن المنزل وأنت تمتلك جميع الكماليات «وبماركات». لا أتبجح على من لا يمتلك منزلا وأنا منهم، لكننا نبالغ في العيش بصورة نمطية تتقيد بأعراف وتقاليد ونظرة مجتمعية أعاقتنا بأغلب مجالات الحياة، فمن منا يرتضي فتح محل خضار بجانب عمله الوظيفي المكتبي، ومن يتزوج دون فرح «يشن ويطن» إن كانت بدايتنا في معترك الحياة خاطئة فالنتيجة حتمية للفشل، قد نحتاج إلى أمثلة قيادية تثبت لنا الجمع بين الفلسفة وعلم الواقع، وقد نحتاج إلى أخصائي اقتصاد يعيد لنا ترتيب أبجديات حياتنا، ولم لا إن كان الهدف هو الحياة.