يروى في كتب الأدب أن الشاعر الحطيئة عندما حضرته الوفاة قيل له: أدع ربك قبل أن تبلغ روحك الحلقوم: فرفع يده إلى السماء وقال: اللهم احم شعري من رواة السوء!؟. تذكرت دعوة الحطيئة عندما قرأت مقالا واحدا لكاتب عربي استشهد فيه بعدة أبيات من الشعر الجميل ولكنه أخطأ في رواية خمسة منها دفعة واحدة!، ويحصل في كثير من الأحايين أن يستشهد كاتب ما ببيت شعر فيحصل في طباعته تصحيف وتبديل لحرف أو نقص أو زيادة حرف فتتأذى الذائقة الأدبية من رواية بيت الشعر بعد ما حصل فيه من خلل طباعي أو نتيجة عدم دراية الكاتب بفنون الشعر وكونه محروما من الذائقة الأدبية فيكون ممن عناهم الحطيئة في دعائه الأخير!. وكنت أعذر الكتاب الذين يقع في بيت من أبيات استشهادهم بالشعر خطأ وأعزو ذلك إلى الطابع والمصحح أو إلى كونه سبق قلم من الكاتب نفسه، وقد حصل لي شخصيا مثل هذا الموقف وشعرت بالإحراج منه لأن مثلي لا يعذر لكوني ناظما للشعر متذوقا له إلى حد ما!، ولكن أن تحصل أخطاء خمسة في أبيات خمسة في مقال واحد فإن في ذلك دليلا على أن صاحبكم قد يكون من رواة السوء : فقد روى بيت شعر هكذا : وإذا أتوك فقالوا إنها نصف ... فإن أطيب نصفيها الذي ذهبا. والصحيح أن يكون صدر البيت هكذا: وإن أتوك .. إلخ. وروى بيت شعر ثانيا هكذا : إذا ما أعرضن الفتيات عني ... فمن لي أن تساعفني عجوز. والصحيح أن يقول : إذا ما أعرض الفتيات عني حتى يستقيم الوزن ودون اللجوء إلى لغة «أكلوني البراغيث!». وروى بيتا ثالثا هكذا : كأن مجامع اللحيين منها ... إذا حسرن عن العرنين كوز. والصحيح أن يقال: إذا حسرت.. إلخ. وروى بيتا رابعا فحرفه وكسره.. هكذا: نكحت كبيرة وغنمت مالا ... كذلك البيع مرتخص وغال. والصحيح أن يقول : كذاك... وروى بيتا خامسا فجعله هكذا: شاهدت في بعض ما شاهدت مسمعة ... كأن يومها يومان في يوم. والصحيح أن يقول: كأن أيامها ... إلخ. والحاصل والفاصل أن ما خشي منه الحطيئة قد تحقق من بعده فأصبح يشارك رواة السوء في رواية الشعر بطريقة غير سليمة فئات منهم الكتاب ومن يصف الكلمات في الصحف والمنشدون وغيرهم!.