أقول لكل وزير أو مسؤول يؤدي عمله بكل إخلاص وتفانٍ، يخدم وطنه وأمته، مؤثرا على نفسه وعائلته وحقوقه في الحياة، ويعطي مستمرا في نجاحه.. أقول له ويقول كل العقلاء والغيورين على أوطانهم: (أطال الله في عمرك، وأبقاك في خدمة وطنك، وجزاك على ما قدمت وما تقدم خير الجزاء)، العبرة ليست في طول المدة أو قصرها، وإنما بمقدار ما تكون خدمتك ومقدار ما يكون عطاؤك. تبقى الأشجار العتيقة أورف ظلالا، وأغزر أوراقا، تبقى أعف عن الأذى وأرق من الندى. من الناس من لا هم له إلا التساؤل بشكل مستمر: (لماذا طالت مدة فلان في المسؤولية)، وإذا قدر له أن يخرج ويحل محله مسؤول آخر قال: ليته بقي، ما لنا ولطول مقامه ما دام فعله عند كلامه؟!! لعل من أنجح الأعمال وأدومها، من كانت دليلا على صمت صاحبها، وبعده عن الأضواء، فهو يعملها خفاء يبذرها في الظل ولا ينتبه لها الناس إلا وهي قد أضحت ظلالا. فاللهم أطل عمر كل مسؤول يقدم جهوده صامتا صامدا، لا يفتأ ساعيا إلى تحقيق الأهداف السامية والآمال المرجوة، لا يهمه قدح فلان ولا مدح علان، فهو يزاوج نظراته وبصره بين السماء وقارعة الطريق لا يلوي إلا على مبادئ يجاهد من أجلها، وأمانة يتخفف من أعبائها بأدائها في مكانها الصحيح. ولهذا أقول أيضا: ليت المسؤولين في الدولة يعيدون النظر في مسألة التقاعد، بحيث يترك الأمر متعلقا بمقدار الجهد والقيمة والأداء، فالدولة تبذل المال والجهد في صنع الرجال والمزيد من التجارب والخبرات، ومن المهم أن تفيد من المبذول حسب الحاجة دون يكون الأمر راضخا لقرار، لعمر معين محدد ومقنن، فإن بعض الأعمال لا يصلح لها إلا أولو العقل الرشيد والرأي السديد. عندما تكون (مسؤولا) عن أقوالك وقادرا على حمايتها بأفعالك، فعليك أن تقر عينا، فإنه لن يضيرك من يطلق كلاما (غير مسؤول)!!.