انتماؤنا نحن معشر المبتعثين والمبتعثات إلى أرض الحرمين نعتز به ونفخر، لا أظن أحداً يخالفني أنه تشريف، وفي المقابل إنه تكليف في أن نعكس إشعاعات الإسلام في سلوكنا وأفكارنا وتعاملنا. بمجرد أن تعرّف بنفسك أنك من السعودية، يتم استحضار كل الصور الذهنية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ثم يمعن النظر فيك أي من هذه الصور تتطابق مع الملتصق في الذهن. وصناعة الصورة الذهنية من أخطر أدوات الإعلام الحديث، وقد يوظف إيجابياً أو سلبياً. حري بنا أن نقدر تقدير الأمم لنا، خاصة الجاليات الإسلامية والعربية، فهم يتوقعون أعلى أنموذجاً في أخلاق المسلم وتعاملاته، ويتوقعون شخصية تعتز بقربها من الكعبة وزمزم وعرفات، ويتوقعون شخصية تظهر شعائر الإسلام وتنفتح على الآخرين وتحاول احتواءهم كما احتوتهم طيبة الطيبة لقرون على اختلاف اجتهاداتهم وطرائقهم. إن شخصية المبتعث أو المبتعثة خليط من الانفراد والتشابه، انفراد بهذه الجذور الإسلامية وبروح انتمائنا إلى ديننا ومحاولة ترجمة هذا الانتماء إلى قناعات وأفكار وسلوك، والتشابه في شخصيتنا أننا مثل بقية الأمم نحب النجاح ونكره الفشل، نعشق الفنون ويستهوينا الجمال، ونعطف على المسكين، ونحب الخير ونكره الشر، ونرجو السلام وندعو إلى اللاعنف. وأعتقد أنه يمكننا ترك سمة الانفراد والتشابه في شخصياتنا أبداً ما حيينا لأنه قدرنا. أخيراً، ما يُتصور أن نسلم من الخطأ، وما سلم منه الصحابة فكيف بنا، ولكنا نبصر سريعاً خط العودة، وتجتذبنا دعوات إبراهيم عليه السلام من جنبات ذاك الوادي غير ذي زرع، تجذبنا كل يوم صلواتنا تجاه البيت العتيق.. تجذبنا إليه أفئدتنا التي تعلقت عند أبوابه وتركت أجسادنا خلفها لآلاف الأميال.. هذا هو قدرنا... نعم.. نحن مبتعثون ومبتعثات قدرنا أن تمتزج شخصيتنا بعطر الكعبة وفضاء المعرفة.. قدرنا أن نرضع من أمهاتنا الحب. قدرنا أن نحمل شهادات الجامعة بيد وأن نبسط وشاح التخرج باليد الأخرى لنصلي فرضنا.