في يوم ربيعي ماطر، حضرت احتفالية جامعة حائل، برعاية سمو أمير المنطقة، بتخريج 4916 طالبا وطالبة لهذا العام 2014م. دخلت الجامعة الفتية لأول مرة، فكانت من الكبر بحيث تم التنقل عبر أوتوبيسات مخصصة. في ذلك الموقع الكائن بين (النيصية) و(الجثامية) وبجوار (مطاحن الدقيق)، وكأن تلك الجيرة مقصودة، حيث يتجاور غذاء الروح وغذاء الجسد. كانت هناك حركة بناء كبيرة لا تهدأ هنا وهناك.. مقار كليات تبنى.. ومرافق وطرق وفندق ومستشفى جامعي سوف يخدم المنطقة والبحث العلمي... إلخ. فجأة، وأنت جالس في مقعدك المصنوع من الانتظار والفرح والهواجس، وبانتظار إعلان بداية الحفل الرسمي، ترى الأولاد يكبرون في غفلة من الزمن والأهل، ويحققون أحلام أمهاتهم المعجونة بالتعب والزهو.. وها هو الولد الصغير الذي كان يستلم ريالات فسحته بيد مرتعشة، والذي تحلم بأن يكون رجلا متعلما وصديقا لك، قد كبر فجأة، فتحتفل به مع زملائه بعد سنوات من السهر والأحلام. ترى كل أكبادنا تمشي على الأرض في ذلك المساء الجميل، وهم يسيرون بخطوات متناغمة بمشلح التخرج الأسود، ويحملون على أكتافهم تخصصات مهمة: كالطب والهندسة وعلوم الحاسب الآلي التي سيحتاجها الوطن في مسيرته التنموية والحضارية. في ذلك المساء، وصلت أرقام الخريجين إلى (1600)، والخريجات إلى (3316).. وكان الحوار الداخلي الذي يركض في الصدر هو كيفية توظيف واستيعاب كل تلك الطاقات الشابة. فخلال عام واحد، تخرج جامعة حائل فقط (4916). وماذا عن خريجي الجامعات الأخرى التي يقدر عددها ب(35) جامعة على المستوى الوطني والقادمين من الابتعاث. ستظل البطالة وعدم استيعاب سوق العمل لهم بمثابة القنبلة الموقوتة والتحدي الوطني الكبير خلال السنوات القادمة، وللفتيات بشكل خاص ربما بسبب محدودية مجالات العمل وضيق هامش التحرك والعادات الاجتماعية. ونحن نهجس بكل ذلك، في انتظار انطلاقة الاحتفالية.. ربما بسبب نسمات الجو الربيعي ومع عطر السيد المطر، سمعنا (شيلة) لأحد المنشدين، تتغنى بالجو الجميل وشبة الأرطا... إلخ! بعيدا عن الوقار والرصانة الجامعية البعيدة عن التفكير العامي.. كما تكلم كل أهل الجامعة في حفل التخرج بدون أي إضافات نوعية من باب الظهور. أجمل ما جاء في هامش حفل التخرج هي كلمة رجل الأعمال العصامي (سليمان الراجحي) وهو يتحدث عن تجربته ومسيرته التجارية والخيرية الناجحة للخريجين وكيفية الإصرار على النجاح والبحث عن العمل.. والأهم عدم انتظار الذي قد لا يأتي.