تأتي خطوة تعيين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء، كخطوة مهمة ومكملة في منظومة الإصلاحات التي يقودها الملك الباني. فالأمير الإنسان والطيار المثقف الذي عرفناه عن قرب، كأمير لمنطقة حائل ومكث فيها قرابة عقدين من الزمان، بعدما ودعها بالدموع وهو يهم بالرحيل للمدينة المنورة. كان كبير البساطة والتواضع في كل شيء.. إلى حد أننا كنا نقف بجوار إحدى الإشارات المرورية وفجأة نجد سيارة (مقرن) هي الواقفة بجوارنا هكذا بلا موكب وسيارات أمن. كان مغرما بالزراعة، وهذا الكلام في بدايات الثمانينات الميلادية التي شهدت المنطقة طفرة زراعية خاصة في إنتاج القمح. في مزرعته التي كانت في قرية (الخطة). كان يتباسط ويزور بعض المزارعين الذين يشاركونه حب فلاحة الأرض والأحلام .. ومن هؤلاء كان يزور الوالد (يرحمه الله) في مزرعته غير البعيدة من (العزيزية)، فجأة يدخل بلا موكب بسيارته (الجمس).. ويجلس أحيانا في (العشة) صيفا أو في (القهوة) شتاء، وبالقرب من (الوجار) وحطب الأرطأ. يحب تلك النماذج الإنسانية البسيطة البعيدة عن التكلف التي كانت تعمل في الحقول مع أولادها. تلك المخلوقات التي يخالط عطر الطين والعرق والماء ثيابها وأجسادها، فيشيد بها ويخصص لها الجوائز السنوية. وأتذكر في حوار بعيد في مجلة الإعلام والاتصال التي كان يرأسها آنذاك الدكتور عبد الله مناع، بأن قال سموه بشفافية: لم أقدم لحائل ما يذكر، وردد مقولته الشهيرة: (العين بصيرة واليد قصيرة).. بسبب تداعيات ما حدث في الثمانينات الميلادية وبعد غزو الكويت عندما انهارت أسعار البترول التي أدت إلى سياسة حكومية تقشفية. مقرن بن عبد العزيز محب لحائل، حتى وهو بعيد عنها. قال لي أحد الزملاء، في جمعية ثقافة وفنون حائل، وكان من ضمن مجموعة مشاركة في حفل شعبي لنادي الأنصار بمناسبة صعوده إلى دوري الممتاز قبل سنوات، إن دخل الأمير إلى ساحة العرضة وعندما اقترب من (فرقة حائل)، همس في أذن قائد الفرقة القادمة من حائل بشكل خاص للمناسبة: (يازين هالريحة).. وهو يقصد رائحة حائل ممثلة بفرقتها الشعبية التي تشاركه البهجة في تلك الليلة.. الحائلي بطبعه كريم وعاطفي، فهو يرى بأن كل القيم والحاجات الرائعة في الدنيا، مرت بحائل أو مصنوعة في حائل: فحاتم الطائي وعنترة .. إلخ كلهم من حائل. ومن هؤلاء الذين يفتخرون بهم: مقرن بن عبدالعزيز. بعضهم يتلقى التهاني من المناطق الأخرى في الثقة الملكية بتعيينه الرجل الثالث في الدولة.. نعم نطمح من أبي فهد، كثير من العمل وتكريس وتعميق الإصلاح كما جاء في حديث سموه الأخير لجريدة الشرق الأوسط بأن (الخطوات الإصلاحية الجادة ستتوالى).. خاصة أن تعيين سموه جاء في هذا السياق.