كان العرب يعتبرون الشعر هو ديوان وتاريخ الشعوب، وهو الوعاء الذي حفظ لهم التاريخ والأنساب والأحداث. في الشعر العربي مئات القصص والملاحم الكبيرة، والأيام أثبتت أن الشعر كان فعلا مجالا ضخما للتدوين، وهو الأساس في تدوير التاريخ وفي حفظه ومن ثم توريثه. الشعر يرتبط أكثر بالثقافة العربية التي كانت شفهية، وبالتالي من الطبيعي أن ينقرض كثير منه بسبب قلة أساليب الكتابة، وعلى حد تعبير المؤرخين: «إذا مات زعيم قبيلة فقد ماتت مكتبته»، كانت الأذهان هي التي تحفظ. الدكتور سعد الصويان يعتبر الثقافات الشفهية أقل قدرة على الاحتفاظ بالموروث من الثقافات الكتابية، ما يتم حفظه لدى الشفهيين ينقرض بعد مائتي سنة، بينما يظل المكتوب إلى أكثر من ألفي سنة! الآن حلت الرواية محل الشعر، رغم إصرار أدونيس على أن هذا الزمن هو «زمن الشعر»، كما هو عنوان كتابه الذي يحمل نفس الاسم! قبل أيام، رعى الشيخ عبدالله بن زايد جائزة الإمارات للرواية، والتي تأتي ضمن مجال التشجيع للأعمال الأدبية والروائية. الإمارات بلد جديد، ودخول المجتمع شبانا وشابات إلى مجال الرواية هو حفر في موضوعات مهمة للمجتمع الإماراتي الحديث. إذ تناقش الأمور الأسرية والحب والسلام والتطور والتنمية والأحداث والمعاناة ضمن صيغة الرواية، وهي تقطع شوطا مهما الآن، جائزة الإمارات للرواية داعمة أساسية للشبان والشابات في الإمارات، وقد سعدت بالاطلاع على بعض الأعمال التي فازت بالجائزة؛ مثل رواية خولة السويدي «عشب وسقف وقمر»، ورواية «من أي شيء خلقت» لميثاء المهيري، وهي أعمال تستحق الاحترام والتقدير. ستكون الرواية ديوان الشعوب الخليجية التي وجدت فيها ميدانا للبوح الحر البعيد عن الأساليب الناجزة والمطروقة من قبل؛ مثل المقالة والشعر والقصة القصيرة، الرواية تكتسح بقية الفنون وحق لها النجاح.