اعترت الدهشة ملامح محمد الرشيدي وهو يشاهد ترسبات في كوب زجاجي بعد إجراء تجربة على مياه الشرب في منزله من قبل مندوب مبيعات لإحدى الشركات، الأمر الذي دفعه لاقتناء فلتر لتنقية المياه، غير أنه اكتشف في نهاية المطاف أن الفلاتر التي يجري تسويقها بزعم انها تنقي مياه الشرب غير صحية، لأنها تسحب الأملاح المفيدة من المياه. ليس الرشيدي وحده من اكتشف أن الفلاتر التي يجري تسويقها مجرد خدعة وإنما هناك غيره كثيرون وقعوا في المصيدة. وأجمع عدد من المواطنين على أنه ظهرت في أحياء جدة منظومة من محطات التحلية وشركات لترويج فلاتر بزعم أنها تنقي المياه، حيث يعمد مندوبو مبيعات الشركات التي تتولى تسويق هذه الفلاتر إلى إجراء عمليات تحاليل مشبوهة للمياه تستخف بعقل المستهلك، وتتمثل هذه التحاليل في إطلاق تجارب لإيهام الزبون أن هذه الفلاتر تنقي المياه من الجراثيم بحيث يقوم مندوب الشركة بعمل تجربة للمياه تظهر في النهاية ترسبات في قاع الكوب تميل للون البني، وفي حينها يزعم مسوق الفلاتر أن الترسبات عبارة عن جراثيم، لكن في حقيقة الأمر هي تفاعل للأملاح يؤدي إلى ترسبها. «عكاظ» رصدت جولات مسوقي الفلاتر «الخادعة» الذين يستغلون جهل المستهلك بخواص الماء، وكشفت الجولة أن الكثيرين تعرضوا إلى خداع الفلاتر ومن باب الدقة، ولرصد الخدعة على أرض الواقع، استدرجنا إحدى شركات بيع الفلاتر، مدعين أننا زبائن وبالفعل أتى مندوب الشركة وقام بإجراء عمليات تحليل للمياه المعبأة والمعقمة باستخدام جهاز خاص وضعه بالماء أدى إلى تغير لون المياه إلى البني وادعى المندوب أن مياه «الحنفية» ملوثة بالبكتيريا وتحوي مواد مسرطنة مثل الكلور، والعديد من الملوثات، وهذا الفلتر سوف ينهي التلوث. وفي هذا السياق، قال أسامة واصل إنه عمل سنوات طويلة في شركة لبيع الفلاتر في جدة ومكة المكرمة وعبر عن ذلك بقوله «كنا نمارس عملية فصل الأملاح من أجل الترويج للفلاتر وكان الزبون يسارع لشراء الفلتر بعد مشاهدته للتجربة». من جهته قال فؤاد محمد «رأيت بأم عيني تجربة لتنقية المياه ما دفعني إلى شراء فلتر ولكن في النهاية اكتشفت انه مجرد خداع وقد اقتنعت في البداية أن الفلتر ينقي الماء ولكن بعدها اطلعت على الكثير من الدراسات تشير إلى أن مثل هذه الفلاتر مجرد خدعة لكسب المال ليس إلا». وفي سياق «خداع الفلاتر» فقد حذرت دراسة أطلقتها مؤسسة صحية من عمليات غش تمارسها بعض شركات بيع وحدات تحلية مياه الشرب، مشيرة إلى خطورة المياه المنتجة من هذه الوحدات على شبكات المياه في المنازل. ودعت الدراسة الصحية المواطنين الذين قاموا بشراء وتركيب هذه الوحدات في منازلهم إلى إزالتها واستبدالها بالفلاتر العادية. مؤكدة خطورة تركيب هذه الأجهزة في المنازل والمؤسسات بسبب إزالتها لكثير من الأملاح اللازمة لصحة الإنسان، مشددة على أهمية هذه الأملاح والمواد المهمة مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والصوديوم والبوتاسيوم. ووصفت الدراسة هذه التجارب بأنها غش تجاري يعتمد على جهل العامة بمكونات المياه، مضيفة أن مندوب الشركة يزعم أنه يقوم بوضع جهاز لقياس درجة النقاء في كوبين من الماء وبعد توصيل التيار الكهربائي في كوب الماء يتغير لونه إلى البني أو الأسود مقارنة بماء الشركة الذي يظل كما هو فيصاب المواطن بالذعر لمنظر الماء الملوث ويوافق فورا على تركيب الجهاز دون تردد. وألمحت إلى أن جهاز القياس هو الذي يسبب تلون الماء لوجود أملاح فيه، مفندة أن الخدعة تكمن في قيام الجهاز بإذابة الحديد في الماء ويرتبط بأيون الهيدروكسيد الموجود بالماء مكونا هيدروكسيد الحديديك بني اللون. وعزت الدراسة انتشار هذه الظاهرة إلى عوامل عدة منها تساهل الحصول على الترخيص لمثل هذه الأنشطة دون متابعتها واستغلال الشركات وجود بعض الشوائب في خزانات المنازل ما يوحي بتلوث المياه، إضافة إلى جهل المستهلك بكيفية إنتاج المياه وكيفية ضبط الجودة في المختبرات ومتابعتها حتى وصولها للمستهلك. ناصحة باستخدام الفلاتر العادية فهي تفي بالغرض لبعض المناطق فقط. وتطرقت الدراسة إلى بعض الممارسات الخاطئة في أنظمة المياه المنزلية مبرزة هذه الممارسات الخاطئة في استخدام برادات مياه تحتوي على أجهزة تناضح عكسي وجهاز تعقيم وتركيب أجهزة التبادل الأيوني وفلاتر لمياه الاستحمام وأخرى تحتوي على مركبات السيليكات والفوسفات، مبينة أن من هذه الأخطاء أيضا ربط أنابيب النحاس بوصلات من الحديد أو تغليف خزانات الماء بمواد غير مصرح بها لمياه الشرب وكذلك تركيب خزانات كبيرة لا تتناسب مع احتياجات المنزل لأن ذلك يعني ركود الماء وقلة دورانه.