هاتفته مساء، فبادرته بالسلام ودعوت له أن يعينه الله على ما يدور في الوسط الرياضي وداخل دهاليز اللجنة القضائية الساخنة في اتحاد الكرة المسماة ب«لجنة الانضباط»، فكان الرد بتنهيدة من رئيسها إبراهيم الربيش أعقبها بعبارة «ما بقي إلا القليل»، مختصرا بذلك في رده قليل المبنى كبير المعنى، وكأنه يشير إلى حجم المعاناة الملقاة على عاتقه وزملائه في اللجنة، والتي وجدها من وراء هذه التجربة التي استتمت نصف عام، شهدت أنواعا من الشد والجذب والتشكيك في الذمم والنوايا وغير ذلك. بادرت الربيش من حيث انتهى حديث المجالس الرياضية وبالتحديد في تشكيك الاتفاقيين بنتائج الجولة الأخيرة ووصفهم لما حدث بأنه أمر دبر بليل بدءا من رئيس النادي عبدالعزيز الدوسري وليس انتهاء بالمتحدث الرسمي للنادي محمد الصدعان، والذي وصف في حديث إذاعي ما جرى تلك الليلة بأنه «غياب للنزاهة»، ليفتح النار في عدد من الاتجاهات، ويفرط سلسلة من الملفات الشائكة، كأول حادثة تشكيك من نوعها في الملاعب السعودية منذ عرفت أنظمة الاحتراف الحديثة.. فكان هذا الحوار: ما ردكم بشأن ما اتهم به رئيس الاتفاق عبدالعزيز الدوسري ناديي الشباب والاتحاد وكذا المتحدث الرسمي للنادي الذي وصف ماحدث بأنه غياب للنزاهة، وما دور لجنة الانضباط حيال ما جرى عقب تلك الليلة الساخنة؟ - ما حصل لايمكن أن نعتبره واقعة حصلت داخل الملعب أو شأنا كان له احتكاك مباشر في اللعبة مثل التعدي على حكم أو إحداث أي إساءة داخل الملعب، فنحن في هذه الحالات نتخذ قراراتنا حيالها بدون أدنى شك. لكن ماحصل من همز ولمز وبغض النظر عن اللائحة الأساسية للانضباط، فإن المتضرر يجب أن يرفع لنا لنتخذ نحن مايلزم بناء على مايتم رفعه لنا، وفي الحقيقة فإن رئيس الاتفاق لم يحدد شيئا أثناء اتهاماته وإنما بنى كلامه على ظنون لا عن جزم وتحديد وتسمية الأمور بمسمياتها، وفي المقابل لايمكننا أن نلوم أي ناد من الناديين اللذين رمى التهم عليهما خصوصا وأن لديهما استحقاقات آسيوية ومن حقهم أن يشركوا الصف الثاني عطفا على استعداداتهم لاستحقاقاتهم المقبلة سواء فيما يتعلق بكأس الملك أو البطولة الآسيوية في مقابل أن مباراة الجولة الأخيرة لا تشكل أهمية بالنسبة لفرقهم. وفي المقابل فإن الفريقين ذاتهما لو لعبا بالصف الأساسي، فإن الاتهامات لن تهدأ وستظل التصريحات تلو الأخرى تطلق بأن الفريق الفلاني لعب بكل قوته لإسقاط فريق آخر، وهذا موال لن نستطيع الخلاص والفكاك منه. نحن لا نستطيع الجزم بشيء معين إلا بتسبيب واضح وصريح، سواء باتهام برشوة أو أي جرم تمت تسميته بشكل واضح وصريح وحينها من الواجب أن ننظر في القضية، كما أنه لايمكن أن أنظر في مسألة ما مادام أن المتضرر لم يرفع إلي أي شيء بشأنها في مثل هذه الصورة خصوصا، أما إذا كان التشكيك واضحا وصريحا فحينها نتدخل بشكل مباشر، وهناك أمثلة واضحة لاتحتاج إلى استدعاء في هذا الجانب وقد حصلت بحر هذا الموسم وتم اتخاذ قرارات انضباطية بحقها. مايثار بشأن وضع الأصبع السبابة على الأنف معكوفة، هذا سألنا عنه الأمير فيصل بن تركي ورد عن مقصده من ورائها، وفسرها بأنه «حقق البطولة رغم الصعاب والظروف وعدم وجود لاعبين أجانب، وليس أمرا آخر» فتم صرف النظر عن الشكوى التي تقدم بها الهلاليون. يا أخي نحن لا نستعجل في إصدار القرارات، وينبغي علينا التثبت قبل إصدارها ومخاطبة الطرف المعني والمقصود، والأمر ذاته ينطبق على ماتم التصريح حوله بشأن الفلم الهندي، سألنا عن المقصود ولم يتبين لنا من خلال الإجابات أي جرم تبنى عليه استحقاق أية عقوبة، الأمر لايعني رشوة أو غيرها، اللجنة لا تتخذ عقوبات جزافا، فإن كانت مبررات مقبولة تم صرف النظر عنها وإلا اتخذنا الإجراء اللازم لإصدار العقوبة. غياب الهلال أثار البعض مسألة إيقاع لجنة الانضباط عقوبات على نادي الهلال لعدم حضور ممثليه لاستلام جائزة المركز في دوري عبداللطيف جميل مع تتويج النصر بالبطولة، هل هذا فعلا يستحق العقوبة ؟ - أولا من المعني بهذا الأمر، بالتأكيد رابطة دوري المحترفين ولجنة المسابقات، وعندما أوضحت الرابطة أن الهلاليين مرتبطون بمباراة الجولة الأخيرة مع فريق الفتح في الأحساء وقد قدموا اعتذارهم، هل نوقع بحقهم العقوبة ؟ هذا لايعقل .. أعتقد أن في ذلك ظلما وتعسفا بحق نادي الهلال. الهلاليون اعتذروا وتم الرفع من قبل المسابقات أن العذر مقبول ونحن لم يكن لنا إلا الإذعان وقبول العذر وبالتالي ليست هناك عقوبة، وبذلك جرت الأمور، أما لو كان العذر غير مقبول فحينها ننظر في القضية داخل اللجنة، وفي النهاية فإن الأمر عائد إلى اللجنة المختصة وهي لجنة المسابقات وقد تقبلت اللجنة هذا الأمر. التشكيك في الذمم نعود إلى مسألة التشكيك في الذمم .. متحدث الاتفاق قال ان هناك غيابا للنزاهة، أليس هذا كافيا لإدانته بتشكيكه في الذمم؟ - إذا قصد الصدعان بهذا الأمر أمرا متعلقا بالتحكيم في مباريات الجولة الأخيرة، ورفعت لجنة الحكام بمرئياتها حيال هذا التصريح وأنه يسيء لها وقتها ننظر في القضية، وإن كان القصد منه في عبارة «غياب النزاهة» أن الفرق التي لعبت الجولة الأخيرة في المباريات المؤثرة لم تشرك فريقها الأساسي أو توقيت المباريات حينها تتولى التصدي للقضية لجنة المسابقات للنظر في حقيقة ماقاله ومعرفة مايقصد من وراء عبارته ، فإن أثبتت اللجنة وجود إساءة فإننا ننظر في مايرفع إلينا من خلالها ونخاطب الصدعان وبالتالي نقرر في إيقاع العقوبة المناسبة. تأخر القرارات يعيب عليكم البعض تأخركم الكثير في إصدار العقوبات والقرارات، كيف ترد وتعلق؟ - كثير من منتقدي لجنة الانضباط يقولون ان هناك تأخرا في إصدار العقوبات، وهذا غير صحيح اطلاقا نحن نحاول الإلمام بالقضية من كافة جوانبها، ونصدر الحكم بناء على المعطيات الموجودة، لدينا مايهمنا أكثر من مجرد الاستعجال والبت بعد التثبت. شخصيا استغرب هذا الاستنكار، فعندما تمضي قضية وقتا طويلا على قضية لا يترتب عليها ايقاف لاعب وغيره مثل عقاب مدرب او اداري او جمهور فإننا نتأخر حتى نتثبت، ما المانع في ذلك؟ ولا ننسى أيضا في هذا الصدد البيروقراطية لدينا في اتخاذ القرار والإجراءات المتبعة فيها بدءا من النسخ وبقية الأعمال الإدارية وهذه أمور خارجة عن إرادتنا، لاسيما ونحن لسنا لجنة متفرغة للعمل، فمن الطبيعي أن يحصل التأخير. لا تضعونا في مصاف الدوريات الأوروبية، هؤلاء يدفعون الاموال على كرة القدم ونحن في المقابل اتحاد ناشئ وفي طور النمو، لا موارد مالية كافية ولا غيرها، أمور كثيرة يشتكي منها الاتحاد السعودي، شخصيا ستة أشهر وأنا أعمل رئيسا للجنة ولم يدخل حسابي ريال واحد ولا في جيب أحد من أعضاء اللجنة، نحن نخدم الوطن من خلال الاتحاد السعودي لكرة القدم، هناك قصور من الاتحاد ومني شخصيا لكن هذا كله غير متعمد. هؤلاء يريدون إصدار عقوبات في اليوم التالي لحصول المشكلة، ولا يعلمون أن أعضاء اللجنة كلهم غير متفرغين ومرتبطون بعمل حكومي إلا رئيس اللجنة فلدي مكتب محاماة، وكلنا شبه متطوعين، وهذا يستوجب من الإعلام دعمنا وحثنا لبذل المزيد. هناك انسيابية في القرارات مؤخرا، فقد بدأنا في العمل والانجاز وأن يكون لدينا آلية للعمل واضحة واصبحت لدينا سكارتارية، رغم أنه شخص واحد. قضايا تويتر ماردك على من يطالبونك بالنظر في القضايا الحاصلة في مواقع التواصل الاجتماعي كموقع تويتر وغيره؟ - كيف يطالبوننا بذلك، ليس لدي مركز إعلامي لرصد ذلك، فلا يفترض لوم اللجنة في هذا الصدد، لو نظرنا إلى لجان الانضباط في الدول المتقدمة لوجدنا أن لديهم طاقم عمل متكاملا متفرغين لأعمالهم منذ الصباح الباكر وحتى نهاية الدوام بمرتبات ضخمة بصفة أنهم لجان قضائية وربما يتم استدعاؤهم في أي وقت متى ما استلزم الأمر، فضلا عن الموارد المالية الكثيرة والرواتب المجزية فهذه عناصر كثيرة تصنع العمل السريع والإنجاز المبكر. صدقني، نحن نعمل كثيرا ونتحمل أكثر، صحيح أننا مقصرون في أعمالنا لكن لكل تجربة فائدة ونسأل الله التوفيق للوصول إلى مستوى تطلعات المسؤولين، وأبشرك فإن المخالفات تقلصت بدرجة كبيرة ولله الحمد. أوصاف مسيئة دعني أسألك عن بعض الأوصاف التي أطلقها بعض نقاد الفضائيات والكتاب على اللجنة وأعمالها، مثل وصف «لجنة cd» وغيرها ، هل ترى أن فيها إساءة للجنة وتقزيما لدورها ؟ - الالفاظ والاوصاف التي تطلق علينا لا أعيرها أي اهتمام، صدقني إذا نقدني شخص عاقل له مكانة وقدر فأنا أسمع منه وأنتبه لما يقوله وأعيره اهتمامي وأهتم بتصحيح مايصدر منه، لكن بالنسبة لمن لايتصفون بغير ماذكرت له مثل هؤلاء الذين لم يسلم منهم أحد وقد تجاوزوا إلى من هم أكبر من رئيس لجنة الانضباط فكل ذلك لايهمني ولا يؤثر فيّ مطلقا. إعلام الميول هل ترى أن الإعلام ينتقد عمل اللجنة بشكل هادف أم أنه وفقا للشعارات والألوان والانتماءات ؟ - نعم صحيح ذلك ، فاللجنة تنتقد بدافع أهواء وتعصب وانتماءات لألوان وشعارات وأندية، هل تذكر عندما رفضنا شكلا احتجاج نادي الاتحاد لعدم تقديمه شكواه في الوقت المناسب، كان بعضهم يمتدح عملنا وعندما خالفنا هواه في قضايا لاحقة شنوا علينا الحملات، لكن كل ذلك لا يضيرني إطلاقا ولا أعيره أي اهتمام مني، وصدقني مهما تكلم أولئك فلن يستطيعوا التغيير في قناعات اللجنة إطلاقا، نحن نجتهد بصفتنا قضاة فإن أخطأنا فلنا أجر واحد وإن أصبنا فلنا أجران، أما أن نتعمد الخطأ أو نصدر أحكاما وفق أهوائنا فهذا الأمر ليس عندنا مطلقا ولن أضيع سمعتي لأضر بناد أو بغيره، الحمدلله سمعتي في المحاماة وكشخص أعرفها ويعرفها الجميع، ولا أظن أي إنسان يضحي بسمعته لينفع أي شخص أو شخصية اعتبارية. تجربة مفيدة كيف تقيم تجربتك خلال ال6 أشهر التي عملت فيها رئيسا للجنة الانضباط في اتحاد الكرة حتى الآن؟ - الحمدلله، استفدت منها ودخلت الوسط الرياضي وعرفت الأشخاص ذوي الميول، أما عن الإساءات الشخصية فأنا أتجاوز عنها رغم أنها والله وصلت إلى والدي وأهلي وكل ذلك يسيء لي شخصيا، أما عن شخصي فقد سامحت كل من أساء إلي أمام الكعبة المشرفة، لأني أرجو من الله أكثر مما أرجوه من البشر. تدارك الأخطاء هل تأملون في تحسين العمل في الموسم المقبل وتدارك بعض الأخطاء؟ - إن بقينا إن شاء الله، سيكون هناك تطوير وتحسين في العمل والأداء. ممارسة الضغوطات هل أفهم من إجابتك السابقة أنك تعاني ضغوطا تمارس عليك وتعيقك عن الاستمرار في ترؤسك للجنة؟ - نعم هناك ضغوطات لكنها متعلقة بعملي الخاص، حيث أني اصبحت مشتتا بين عملي الخاص وعمل اللجنة الذي يأخذ مني وقتا كبيرا وجهدا، وأنت تعلم أن مهنة المحاماة تتطلب تفرغا وجهدا، لكن إذ نجحت في التنسيق بين عملي في اللجنة وعملي الخاص فسأستمر قطعا، وإن لم يكن هناك تنسيق فالاستمرار صعب، وإن شاء الله رغبة الاستمرار موجودة لدينا.