صدق من قال: «لكل سوق بضاعة وشراي»، وأيضا من قال: «لا يمدح السوق إلا من ربحه..»، ففي بعض إعلامنا الفني، في وقتنا الراهن من يتفانى في تقديم خدمة إعلامية تارة، و«إعلانية في إعلامية» تارات أخرى، لدعم «سوق» بعض الفضائيات المتخصصة في التنافس «بضراوة» على تحقيق قصب السبق في كل ما يكرس لمسخ الفن وابتذاله، من خلال ما دأبت على تقديمه هذه الفضائيات المنتسبة للعروبة، والممولة بدعم عربي سخي، في سبيل استكمال المراحل المتبقية من «مشروعها الخاص»، والمعني بتحويل الفن إلى: عفن في القيمة، ومسخ في القيم، وانحدار بالذائقة، ونسف للمقومات والمعايير والأهداف، واستبدالها بما يخالفها ويتنافى حتى مع أدنى من رفعتها وترفعها. هذا البعض من القنوات الفضائية أكثر التزاما بتنفيذ «مشروعها» من كثير من الشركات التي تسببت في تعثر الكثير من مشروعاتنا التنموية، مع التسليم بالفارق الكبير بين البناء والهدم، ومما أنجزته هذه القنوات في مشروع «إزالة جوهر الفن»: استبدلت المقامات الموسيقية وطبقات الصوت بالقدود وتقاسيم الجسد، والغناء بالغثاء، وتمكنت من ترسيخ الغثاء ومنحه رواجا وتحويله إلى تجارة مربحة بتسويقه عن طريق «الكاسيات العاريات» اللاتي ملأن كل «خواء» بأكبر نسبة من الابتذال وأكثر مساحة من «التجرد»، بعد أن جردن من الأهم وهو الحياء. هذا الصنف.. من القنوات، لم يكن في وسعه اكتساب الثقة في هذا «الاقتراف» ومواصلته لو لم يجد في الإعلام الفني من رضي بتسخير رسالته لدعم «هذا السوق» ومواكبة «مزاداته» وتسليط الأضواء ومنح المساحات للقاءات وصور المعنيين في هذه القنوات بهذا «المشروع» واستعراض برامجهم والاحتفاء بجهودهم والإعلان عن مسابقاتهم ومواعيدها، وتقديم من استطاع «المشروع» تسويقهن من بضاعته أو «موديلاته» باسم الفن ونجومه...، ولا تستغرب بعد كل هذا الدعم والرعاية والإشادة «الإعلامية الإعلانية» بهذا الإسفاف، أن يكتب أو يتحدث نفس الإعلامي عما يمر به الفن من هبوط وانحدار..!!! إلا أن ما يستعصي تبريره هو أن يذهب هذا أو ذاك في إعلامنا الفني في الذود عن هذه القنوات بما يفوق حرص ومُلاكها، إلى ما هو أبعد مما ذكر، فهو يصف استمرارها في تقديم سهرات ومسابقات الغثاء والرقص برغم الشتات والتمزق والنكبات التي تعصف بأمتهم..، بأنه دليل على تميز وريادة هذه القنوات وتغلبها على كل الظروف!!!. وكأن هذه الظروف «ليست أكثر» من مجرد دمار ودماء وهتك أعراض وأرتال ضحايا وتشرد أبرياء بسبب حروب جائرة تعصف بشعوب دول عربية مسلمة تشاركنا الدين والعروبة والجوار، وما تقدمه هذه القنوات من برامج الرقص والغثاء و«الصهللة» سيعكس للعالم مدى ما تختص به أمتنا وشعوبنا من لحمة وإنسانية ونخوة وتعاضد.. ولهذا وصلنا إلى ما نحن عليه... والله من وراء القصد. تأمل: نور القلب مخبوء في قطرة دم.