يروى عن متجر لغسيل الملابس في امريكا قام بتعليق لوحة نصت على ما معناه التالي : عملاءنا الاعزاء، نعلم أنكم تطلبون ثلاثة امور : 1 جودة عالية في غسيل ملابسكم 2 تكلفة معقولة لهذا الغسيل 3 سرعة شديدة في تسليمه لكم ونحن بدورنا نطلب منكم أن تختاروا اثنين فقط من هذه الامور الثلاثة وسوف نلبيهما لكم. هذه المغسلة اعلنت لزبائنها أن غسيل ملابسهم بسرعة وبجودة عالية سوف يكلفهم دفع سعر اعلى، أما الغسيل في الوقت المعتاد فإنه سيكون بالسعر العادي، صحيح أن الجودة عالية ولكن عليهم الانتظار كغيرهم من الزبائن، واخيرا إن أصروا على أن يكون السعر هو السعر العادي وأصروا على سرعة التسليم فعليهم تقبل اي عيوب يسببها الاستعجال، وبالتالي لا بد من التضحية إما بالجودة أو بالسعر أو بالسرعة ويصعب جدا تلبية هذه العوامل الثلاثة سواء عند هذه المغسلة أو بصفة عامة لأي عمل نقوم به، قد نجد هناك استثناءات ولكن بصفة عامة الذي يطلب انجاز عمل أو مشروع خلال سنة بدلا من مدته العادية في سنتين أو خلال مئة يوم بدلا من مئتين أو خلال يوم بدلا من يومين عليه إما أن يتحمل تكاليف اضافية لتسريع الانجاز أو يتقبل العيوب التي تصيب هذا العمل بسبب السرعة. ولكن والحمد لله هناك مخرج من هذه المعضلة، وذلك يكمن في التخطيط المبكر والسليم، فالذي يخطط للمستقبل ويستعد له ممكن أن يحصل على افضل جودة وباقل تكلفة بإذن الله، ولذلك نجد أن التخطيط المبكر هو أحد أهم سمات النجاح سواء كان ذلك على المستوى الشخصي أو للمشاريع والمؤسسات أو للدول والمجتمعات، فالدول التي لديها خطط واضحة ودقيقة هي عادة الدول الناجحة وكذلك الشركات أو رجال الأعمال وحتى على ابسط مستوى فإن الذي يخطط لإجازاته ورحلاته مبكرا لا يضطر الى وساطة القريب والبعيد لكي يجد مقعدا على رحلات الطيران وسوف يحصل على ما يريد وبالاسعار المميزة وفي الاماكن التي يختارها، أما بدون هذا التخطيط فإن المرء سيتعب اكثر ويدفع أكثر ومع ذلك قد لا يحصل على ما يريد لانه تأخر في طلبه. والتكاليف تتضاعف وكذلك الجهود عندما يغيب التخطيط على مستوى الدول، ولذلك نشاهد طرقات تم رصفها وسفلتتها ليعاد حفرها من جديد ومن ثم يتم الرصف والسفلتة ليعاد حفرها مرة ثالثة وهذا كله هدر للوقت والجهد والمال وكان ممكنا تفاديه بالتخطيط والتنسيق. صحيح أنه ليس من السهل أن نخطط للمستقبل بصورة دقيقة وأنه دائما ستكون هناك متغيرات تجبرنا على تعديل الخطط واعادة العمل، ولكن عندما نشاهد جسورا وأنفاقا ليس لها سنوات ومع ذلك يعاد تشييدها ويغير مسارها ونشاهد مباني شاهقة وأبراجا تكاد تكون جديدة ولكنها تهدم لصالح مشاريع استجدت، فهذا كله لا يعطي انطباعا جيدا لاي تخطيط، ونكتفي بما شاهدناه في مدينة جدة حيث بعد مضي عشرات السنين من التوسع والنمو بحمد الله اتضح أننا نحتاج لشبكة صرف لمياه السيول وعلينا انجازها في اسرع وقت مهما كانت التكاليف ومهما تم هدمه من مبان أو منشآت في طريقها، ولعلنا نقارن ذلك بمدينة باريس والتي هي عاصمة للسياحة العالمية حيث لا زالت تعتمد إلى حد كبير على نفس شبكة صرف المياه والامطار التي تم تأسيسها منذ مئات السنين فهذا هو التخطيط الذي يوفر الجهد والمال.