لم يعد هناك شك في أن المستشفيات العامة وأقسام الطوارئ بها تعاني من ضغط وزحام، بدأت مظاهره قبل سنوات قليلة وتنامى وازداد حتى أصبح الحصول على سرير في بعض الحالات يحتاج لجهود شاقة ومعارف ووقت وموعد، أما أقسام الطوارئ فإن من يزورها من المرضى أو المرافقين فإنه قد يجد في ممراتها مرضى منومين لم تستطع غرف الطوارئ استيعابهم، وقد يظل المريض منوماً على سرر القسم عدة أيام مع أن طبيبه قد أمر بتنويمه في القسم الطبي الخاص بمرضه من باطني وقلب وعظام ونحوها ولكن لعدم وجود سرير شاغر فإن المريض يترك على سرير قسم الطوارئ أياماً حتى يأتي الفرج ويركض نحوه «البشير» بأن سريراً شغر في أحد «الكواويش» والكاووش هو الغرفة التي بها عشرة سرر وأكثر وكل سرير في زاوية منها والفاصل ستار من قماش ونحوه ولا يحظى بغرفة خاصة أو حتى مزدوجة إلا بعض الناس لأن الغرف محدودة ومقرودة. وقد بلغ الزحام والضغط على الأسرّة مبلغه حتى وصل إلى المستشفيات الخاصة التي «بالفلوس» وسمعت من صديق أن شقيقته المريضة المحتاجة إلى تنويم في غرفة مستقلة، احتاج لكي يوفر لها غرفة إلى شفاعة حسنة عند صاحب المستشفى الخاص مع أنه دفع مقابل تنويمها لمدة عشرة أيام ما يزيد على خمسين ألف ريال، ولم تكن «فلوسه زائدة»! على حد قوله، ولكنه اضطر لتحمل تلك التكاليف لأنه لم يستطع توفير سرير في مستشفى حكومي مناسب لمريضته عندما احتاجت للتنويم! ولعل أعجب ما في هذه القضية الصحية النامية وجود وعود حديثة الولادة بأنه سيتم إنشاء عدد من المستشفيات ستوفر في مجموعها عدة آلاف من السرر للمرضى، والعجيب في هذه المسألة أن التحرك لا يتم هذا إن هو تم إلا إذا بلغ السيل الزُّبى، وكان ينبغي التخطيط لمشاريع المستشفيات الجديدة قبل حصول الضغط والزحام بأعوام، فلا تبدأ المشكلة إلا وتكون المستشفيات والسرر الجديدة قد أصبحت جاهزة لاستقبال المرضى أما أن يبدأ الحديث عن مشاريع وبناء لمستشفيات وزيادة في أعداد الأسرة بعد حصول الضغط والزحام وظهور آثارهما السلبية على المرضى، فإن عملية التنفيذ والتجهيز والبدء في التشغيل قد تحتاج لمدة تصل إلى عشرة أعوام هذا إن سار كل شيء على ما يرام، ولم يحصل تأخير في الإنجاز وتعثر في التنفيذ والتجهيز، وذلك يعني أن يظل الضغط والزحام وتزداد وتيرتهما مع مرور الأيام وتستمر الشكوى المريرة من عدم وجود سرر تنويم ناهيك عن الضغط الذي باتت تواجهه أقسام الطوارئ من المرضى المراجعين وهو ضغط مرشح للزيادة ما دامت أم حمادة شغالة في الحمل والولادة!.