من الصور الفوتوغرافية التي اشتهرت وتداولتها وسائل الإعلام، صورة لصف من الأشباح السوداء المتماثلة في مظهرها تقف متراصة بقاماتها الرشيقة الناعمة لا يبدو منها شيء سوى حدود الكتفين والرأس المنتصب، ويطوق موضع الجبين عصابات تلتف حول الرأس مزخرفة بشعار الانتماء الداعشي، وبدت الكف اليمنى لكل شبح مغطاة بقفازات سوداء تنوء بثقل السلاح الأتوماتيكي الذي تحمله. كان منظر الصورة غريبا يحمل كثيرا من المتناقضات ويثير هالة من التعجب فطارت الصورة عبر أرجاء الدنيا!! داعش التي يمثل فكرها تطرفا ومغالاة في كل أمور الحياة بما في ذلك النظرة نحو النساء ومكانتهن، لما بدت لها الحاجة إلى خدمات النساء لم تتورع عن استغلالهن في تحقيق غاياتها، فالموقف الذي يحظر على المرأة الخروج من البيت وممارسة العمل خارجه ويحرمها من التنقل ما لم يصحبها محرم لها، سرعان ما يتبدل عندما تقتضي المصالح القتالية ذلك، فيضحي سفر المرأة بلا محرم أمرا مباحا ويماثله في الإباحة أمر اختلاطها بالرجال في ساحة التدريب على القتال وحمل السلاح وارتداء الأحزمة الناسفة وتنفيذ العمليات الإرهابية وغير ذلك. غالبا يحدث استدراج النساء إلى شبكات القتال من خلال أقاربهن الذين يدفعون بهن دفعا إلى ذلك بعد إخضاعهن للتأثيرات النفسية التي يعبر عنها بعمليات غسل المخ، حيث يمتزج الإغراء بالمال الذي تحتاج إليه عوائلهن الموشكة على الهلاك بيد الفقر، بإغراء الحلم بالخلود في الجنة عند (الاستشهاد). وقد تولد عن هذا تشكيل فريق اشتهر باسم (الداعشيات)، وصارت داعش (تفاخر) بكتائبها النسائية التي أطلقت عليها أسماء شهيرات النساء في العصر الإسلامي الأول، كما أسندت قيادة بعض تلك الكتائب إلى النساء وأنعمت على القائدة بلقب (أميرة النساء)، ويذكر أن الداعشيات تمكن من تهريب الأسلحة والذخائر وإنجاز عمليات إرهابية في العراق وسوريا ولبنان، وحسب ما نقلته بعض الصحف فإن (نصف) العمليات الانتحارية في العراق نفذت بأجساد النساء. ما يستوقف المرء هنا أمران: أحدهما، ما يذكره بعض شهود العيان من أن المرأة الداعشية سيقت إلى هذا الموقف ولم تقبل عليه بإرادتها ورغبتها كما هو الشأن مع غالبية الرجال، والأمر الآخر هو أن من يفعل ذلك فيسوق النساء إلى أرض المعركة هم نفسهم أولئك الرجال الذين يتطرفون في موقفهم من المرأة ويغالون في الدعوة إلى عزلها ويحملون في كل مكان نظرة الازدراء لها والرفض التام لمشاركتها في الحياة العامة!!.