جرائم العنف والاعتداءات الأسرية التي راح ضحيتها العديد من الأطفال الأبرياء، غيرت مجرى الأحكام القضائية المنصوص عليها في قضايا الحضانة في المحاكم، وبات القضاء يرى تحويل وصاية الأبناء للطرف الأصلح لهم سواء كان الأب أو الأم أو أحد الأقارب من الدرجة الأولى، فعند انفصال الزوجين يستخدم بعض الأزواج حضانة الأبناء كوسيلة لتصفية حساباتهم العالقة، وكل طرف يرى أنه أحق بالحضانة أو الولاية، متناسيا أن الهدف منها هو مصلحة الصغار، ورعاية شؤون الأبناء، لأن الحضانة هي حفظ الطفل مما يضره والقيام بمصالحه، وليس كما يظن الأزواج أنه انتصار له على الآخر، ولكي تتضح الرؤية لدى الحاكم الشرعي ويبتعد عما يشوب حكمه فإنه يجب عليه الأخذ برأي أخصائي اجتماعي ونفسي وذلك لعمل دراسة متكاملة عن الحالة، وتقييم الوضع النفسي والاجتماعي للأبوين، فمن الواجب على القضاة التأكد بالاستعانة من أهل الخبرة في المجالين النفسي والاجتماعي واستيضاح الأصح قبل إصدار الحكم. ولعل أهم ما دعا لطرح هذا الأمر والمطالبة بندب أخصائي اجتماعي ونفسي هو ما كثر من اتهامات بين الأزواج من إهمال للأبناء أو تعنيفهم أو الشح والتقصير في الإنفاق وخاصة التهمة الأكثر شيوعا في الآونة الأخيرة وهي التحرش بالأبناء. إن للمختص دور كبير في تحقيق المصلحة حيث يجتمع بوالدي الطفل ويرى المستوى الفكري لهما، وطريقة التعامل مع الطفل والأسلوب المتبع في التربية والمكان الملائم المساعد في ذلك، ويعمل بذلك تقريرا مفصلا يقدم للقاضي. كما أن المعمول به في القضايا جميعها بما فيها الأسرية أن يتم الاستلام في الشرطة أو الحقوق المدنية، ومن وجهة نظري أن هذا غير ملائم؛ لأن الطفل تثبت في تصوره هذا الأماكن وتظل معه حتى الكبر ومنظر المطلوبين باختلاف قضاياهم، فأرى أن يكون هنالك أماكن لتسليم الأطفال لذويهم في قضايا الحضانة والزيارة وتكون تحت مظلة الشؤون الاجتماعية.