منذ أن دخلت الجوالات ذات الكاميرا وبعدها الأجهزة الذكية التي يمكن أن تسجل بالصوت والصورة ما قد يحصل في الشارع أو الإدارات أو المدارس أو الأسواق أو الحدائق من تصرفات بعضها إيجابي وكثير منها غير إيجابي. وهناك جدل اجتماعي يدور حول حق التصوير من عدمه، وهل تسجيل تصرف معين قام به مسؤول أو موظف يرى فيه من يشاهد «اللقطة» أو الشريط أنه تصرف غير نظامي أو غير إيجابي يعد تعديا على من صدر عنه ذلك التصرف أم أن «التصوير» أداة للكشف عن الأخطاء النظامية والسلوكية بهدف معالجتها بعد وضعها في دائرة الضوء حتى لا يتكرر الخطأ من موظف آخر، وإذا كان التصوير ليس من حق أحد القيام به جملة وتفصيلا فهل يشمل ذلك تصوير الإيجابيات والمنجزات والأعمال الجميلة واللفتات الإنسانية النبيلة أم أن المنع يقتصر على اللقطات التي تظهر «عوار» عمل إداري أو فني أو تجاوز للأنظمة والصلاحيات، أما اللقطات البهية المادحة المانحة للأضواء والمدائح فمرحب بها من قبل من التقطت لهم تلك اللقطات وسجلت عنها تلك الأشرطة التي يحرصون على بثها في جميع المواقع الثابتة والمنقولة، أما اللقطات والأشرطة التي تدين تصرفاتهم وتجاوزاتهم فإنهم يقفون لها بالمرصاد إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا وفي هذه الحالة فكيف تتم معالجة الأخطاء والتجاوزات إذا كان المطلوب التعتيم عليها والاكتفاء بذكر وتصوير الحسنات والإنجازات المزعومة. وأرى أنه لا يخاف من التصوير إلا من تكون لديه «خزوة» أما الإنسان الواثق من نفسه ومن سلوكه ومن عطائه وعمله، فإنه لا يبالي سواء صور في مكتبه وخلال عمله الإداري اليومي أم لم يصور لأنه ما جاء «للتصوير» وليس لديه ما يخشى منه إن هو صور قائما أو قاعدا أو هو على مكتبه أو متجولا بين أقسام الإدارة التي يعمل بها، بل إنه على استعداد للحديث عن وجود قصور في الإمكانيات والأداء إن كان ذلك هو واقع حال إدارته داعيا نفسه وزملاءه ورؤساءه إلى تلافي الملاحظات والاجتهاد أكثر في خدمة الجمهور وكل ذلك لأنه يعتبر الوظيفة تكليفا لا تشريفا، أما الذين في قلوبهم مرض من الموظفين فإنهم يرتاعون إن لمع في عيونهم فلاش كاميرا هاتف جوال، وربما انقضوا على حامله وكسر يده وربما رقبته إن حاول «المقاومة»، وهذا الهلع والانقضاض قد يدل على وجود أمر يخشون ظهوره إعلاميا فقالوا على قلب رجل واحد: «ما دون التصوير إلا الأيدي!!» وبدل أن تكون مجرد لقطة تصبح ورطة وتحقيق وادعاء وشرطة !!.