حماية الحياة الفطرية غاية عالمية بعد أن أخذ الانقراض يصيب بعض الأنواع النادرة من الحيوانات أو النباتات وما يتسبب فيه ذلك من أضرار تدمر البيئة الطبيعية، ولا أظن أحدا ينكر أن حماية الحياة الفطرية والبيئية غاية نبيلة لا اختلاف حول أهميتها للحياة. لكني أيضا لا أظن عاقلا يرى أن حماية الحياة الفطرية مقدمة على حماية حياة البشر، لذلك عجبت مما ذكرته إحدى الصحف الإلكترونية من أن الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وجهت بضرورة القبض على قاتل النمر العربي بوادي النعمان بمكة المكرمة لأن هذا النوع من النمور يعد من الفصائل الحيوانية النادرة المهددة بالانقراض التي تعنى الهيئة بتربيتها والحفاظ على حياتها. لكن قاتل النمر يقول: إن النمر اعتاد الغارة على إبله ليليا وتسبب في خسارة مادية كبيرة له حيث بلغ ما افترسه منها (سبعة)، كما سبب له القلق والذعر من أن يهاجمه النمر شخصيا أو يهاجم أحدا من أهله، فضلا عما خسره من ماله بعد أن باتت إبله عشاء شهيا لنمر الهيئة المدلل؟ ومصدر العجب هنا، إن صدق الخبر هو غضب الهيئة على هذا الرجل المسكين!! فماذا تتوقع الهيئة من رجل هذه حاله؟ هل تتوقع منه أن ينتظر إلى أن يقضي النمر على بقية إبله وأغنامه ويبدأ في البحث عن طعام غيرها لدى لحوم البشر من أفراد أسرته؟ آنذاك من الذي سيعوضه؟! إن مسألة تسلل الحيوانات المفترسة إلى مناطق السكان وإلى الطرق السريعة هي مسألة خطيرة ولا أظن حماية الحياة الفطرية، مهما بلغت أهميتها تستحق التضحية بسلامة الناس. بدلا من أن تعتذر الهيئة للرجل المصاب في إبله وتقدم له التعويض المجزئ عما فقده من مال وما أصابه من قلق وذعر طيلة الليالي السابقة لمقتل النمر بسبب إهمالها وتفريطها في حماية البشر من اعتداءات الحيوانات المفترسة التي تعمل على تربيتها، نجدها تطالب بمحاسبته لأنه قتل حيوانا كاد يودي بحياته وحياة أهله!! إن هؤلاء الناس البسطاء الذين يعيشون في المناطق البرية لا يدرون شيئا عن الهيئة وبرامجها وغاياتها. إن هم قتلوا شيئا من ممتلكاتها التي ترعاها فالملوم هي وليس هم، فالهيئة ملومة من جانبين: أحدهما عدم وضعها سياجات تفصل بين المناطق التي يرتادها البشر والمناطق التي تسكنها حيوانات مفترسة، أما القول بوضع كاميرات مراقبة لمتابعة وجود الحيوانات المفترسة فليس كافيا لحماية الناس. والجانب الثاني هو تقصيرها في تثقيف الناس ونشر الوعي بينهم بما تقوم به من حماية للحياة الفطرية، فهل سبق للهيئة أن اقتربت من هذا الرجل أو غيره ممن يعيشون في أماكن معرضة لغزو الحيوانات المفترسة وعلمتهم كيف يتصرفون عند تعرضهم لهجوم من أحدها؟ هل أعطتهم وسائل اتصال بها عند رؤيتهم لحيوان متسلل؟ هل دربتهم على اتباع أساليب تحميهم من الخطر وتبقي على حياة حيواناتها الثمينة؟ إنها ما لم تفعل ذلك، فإنه لا يحق لها أن تلوم أحدا إن تسبب في قتل حيوان ثمين لكي يحفظ ماله أو حياته وحياة غيره!