يروى على سبيل التندر أن أحد الحضريين تاه في الصحراء ومصادفة التقى بأحد رجال البادية هناك في قطيع له من الإبل، فسأل البدوي الحضري: من أي مكان أتيت يا رجل؟ فأجابه الحضري بدعابة حاضرة: من القمر!، فرد البدوي على الفور والدهاء، إذن فأنت: نيل آرمسترونغ!. لهذه الطرفة جانبان من القراءة، الأولى تكمن في حصار إنسان اليوم بالمعلومات أينما كان وتواجد ومهما كانت ثقافته وبيئته. والثانية وهي الغاية المقصودة: ترتكز على أهمية التعامل والتعاطي بالمعلومة الصحيحة واحتواء الموقف حتى وإن جاء على شكل نكتة. إن هذا الحصار المعلوماتي وهذه السهولة التي نتصفح بها العالم المعاش داخل وسائط عنكبوتية وجوالات ذكية، أفرزت سيلا من المعلومات والمعارف، وقف أمامها من وقف بالتأمل وتتبع مصداقيتها، وذهب معها من ذهب بالتمرير واعتقاد نشر الفائدة، خاصة بعض الرسائل الطويلة داخل قنوات الواتس آب ومجاميعها التي تمتلئ بالقارئ المتساهل على الغالب. فضلا عن مجانية الكثير من نوافذ الإعلام الإلكترونية التي تفتقد أقل درجات المهنية في نشر الأخبار التي ليس لها أكثر من ضجة وافتعال شهرة. وللأسف تروج بشكل كبير وتسري بين من لا يريدون أكثر من النقل والتدوير. بالطبع لا يمكن دفع هذا التشابك الظاهر في القنوات التواصلية المفتوحة، ولا يمكن ضبط مرتاديها على جادة واحدة مهما اجتهدنا في ذلك، فالعقول مقسمة والمآرب مختلفة، وغايات الناس لا تنتهي. ومع أن هناك قوانين وأنظمة واضحة، إلا أنها لا تستطيع أن تحاصر هذا الانفجار التقني بجميع دقائقه التي تكبر فجأة، لذلك فإن أهم ما يمكن تدبره ومعاينته في أمر تدافع الرسائل والأخبار والمعلومات، حديث من قال عن عمق وصواب: اعقلوا الخبر عقل دراية لا عقل رواية، فإن رواة العلم كثير، ودراته قليل!.