لا يعرف الناس قيمة العلماء إلا بعد موتهم، حملوا في دنياهم شعلة الدين، وخلصوا العقيدة من الشوائب، وتعاملوا مع الناس بالكلمة الطيبة، وبأسلوب حسن، ومع الحقيقة بوصفها ما يطابق الواقع، ومن ثم فإن وجودهم حي وقائم حتى بعد موتهم، وهذا الشعور سيطر علي، وقد عرفت عالما من علماء هذه البلاد، أبنه الملك عبد الله بن عبد العزيز قائلا : «لقد حزنت كثيرا على فقدانه.. إن الشيخ عمل في الحرس الوطني، بجد وإخلاص، ولم يشب عمله هذا أي خلاف.. كان صادقا في أقواله، وأفعاله، صريحا، جادا، أدعوا له بالمغفرة، وأن يسكنه الله فسيح جناته» فيما وصفه الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله بأنه «كان مثالا للرجل المخلص، لدينه، ووطنه». أتحدث عن الشيخ الفاضل «عبدالله بن عبد الرحمن الشثري» رحمه الله، وهو من أسرة أنجبت عددا من العلماء، والقضاة، تولوا القضاء في: الرياض، وحوطة بني تميم، ومحافظة الحريق، فربطوا ماضي دينهم بحاضره، وحاضره بمستقبله، وأرشدوا الناس إلى منهج السلف الصالح، وظلت هذه المعادلة قائمة حتى اليوم، فيمن تسلم الأمانة من: أبناء، وأحفاد. في منزل الصديق «عبدالرحمن بن صالح الشثري» (أبو هشام) تعرفت من أحدثكم عنه، قبل ثلاث سنوات من وفاته (رحمه الله). حدثني عن الدعوة إلى الله، وما تتوخاه من إصلاحات، تعمق من فهم الإنسان، وتنقله من العموميات إلى الجزئيات، والتفاصيل. وتكررت اللقاءات معه على فترات متقطعة، وكلما لقيته كان يتحدث عن صيغ وأشكال دينية إسلامية، صبت في قوالب منظمة تنظيما عقلانيا، أحسست كلما سمعتها منه، أنه يسعى لتثبت ما كان عنده من علم، في الذاكرة الثقافية للإنسان، والتعبئة النفسية الفكرية، التي يغذيها الشعور بالعقل والوجدان. من سيرته الذاتية التي اطلعت عليها، تعرفت على علماء آل الشثري، بدءا من الشيخ «ناصر بن غانم الشثري» رحمه الله حتى «الشيخ ناصر بن عبد العزيز الشثري» ولفت انتباهي في سيرة «الشيخ عبد الله» أنه تكفل بتوزيع تمر نخله من مزرعته، لأقاربه، ومحبيه، سنويا، إلى أن توفاه الله عام 1428ه . يموت العلماء، وتبقى آثارهم، مجالا واسعا لتعميق الفكر الإسلامي، بوصفه مظهرا من مظاهر وحدة الأمة الإسلامية. رحم الله الشيخ «عبد الله بن عبد الرحمن الشثري».