زرت منطقة جازان مع بعض الأصدقاء وشملت الزيارة أجزاء من جزر فرسان ومحافظة العارضة. ورغم أن فترة الرحلة ثلاثة أيام إلا أننا شعرنا باحتياجنا إلى فترة أطول للتعرف على المنطقة وما بها من جزر وسواحل وجبال وسهول وآثار وعادات وتقاليد. وقد كان النصيب الأكبر لجزيرة فرسان التي تبعد عن جازان 41 كيلومترا وتستغرق الرحلة ساعة بالمعدية التي تحمل الركاب والسيارات والتي أمر خادم الحرمين الشريفين بتأمينها لتسهيل الانتقال من وإلى الجزيرة مرتين يوميا. وقد التقينا خلال رحلتنا على العبارة بقائد حرس الحدود بالمنطقة الأستاذ فيصل الجهني والأديب عبد الله مفتاح ومضت الرحلة سريعا ونحن نستمع إلى المعلومات والقصص والشعر عن المنطقة. ويطالب أهالي فرسان ببعض المعديات التي تنقل مواد البناء حيث إن هناك إعاقة لمشاريع التنمية والتطوير لصعوبة وارتفاع تكلفة نقل المواد بالمراكب التجارية مما يضاعف تكلفة المشاريع. وفرسان عبارة عن أرخبيل أو مجموعة من الجزر يصل عددها إلى 150 جزيرة تقريبا أكبرها فرسان الكبرى والتي لم نكن نتخيل أن يعادل طولها المسافة بين جدة ومكة تقريبا (70 كم ) كما يتراوح عرضها بين 30 إلى 5 كم في بعض المناطق. يعيش في فرسان 20 ألف نسمة وبها محطة كهرباء ومحطة تحلية. وتمتلك فرسان شواطئ رائعة حيث المياه الصافية والرمال الناعمة كما تتوفر الحياة السمكية والطيور بأنواع متعددة، وبها محمية شجر القندل الذي تكيف على النمو بكثافة في مياه البحر وتعشش أعلاه الطيور الكبيرة والشبيهة بالبجعة وتتخلل الغابة ممرات مائية ساحرة. أما عن الآثار فبها من الآثار العثمانية بعض القلاع حيث سيطروا عليها في القرن السادس عشر الميلادي ولمدة مائة عام. كما رأينا قلعة عثمانية في جازان أيضا يجري ترميمها لتكون متحفا. واستخدم الأدارسة فرسان خلال القرن العشرين كمركز لصيد اللؤلؤ. ولازالت حتى الآن آثار بيت (الجرمن) الذي استخدمه الألمان لتخزين الفحم الحجري المستخدم كوقود لمراكبهم عند عبور البحر الأحمر. وهناك بيوت أثرية أخرى مثل بيوت الرفاعي والنجدي وهم من كبار تجار اللؤلؤ بالجزيرة وقد صلينا الظهر والعصر قصرا وجمعا في مسجد النجدي الأثري الجميل الذي تم ترميمه والمحافظة عليه من الداخل والخارج أما بيوت الرفاعي والنجدي فهي في حالة يرثى لها من الإهمال ومعرضة للسقوط في أي لحظة، ومن المؤسف تركها دون ترميم وحماية. وتذكرت جدة التاريخية ونحن نزور القرية التراثية بقصار وهي المدينة التي هجرها أهلها إلى المدينة الحديثة وتم الحفاظ عليها جزئيا مع وضع أسماء أصحاب البيوت عليها، وتحتاج إلى ترميم أيضا غير إن وضعها أفضل نسبيا من بيوت الرفاعي والنجدي. وخلال الزيارة كان لنا أكثر من لقاء مع محافظ فرسان الأستاذ حسين الدعجاني وتطرقنا إلى مشاريع التنمية كما لمسنا ما لديه من طموح وما يقوم به من جهود للنهوض بالمنطقة وهو يأمل تنفيذ مطار للجزيرة لتسهيل وصول السياح إليها كما يسعى لإنجاز العديد من المشاريع التنموية لها ويرحب بالمستثمرين.. ورغم كل ذلك فإن فرسان تفتقر إلى الفنادق والمساكن والمطاعم والمقاهي السياحية، وأدعو المستثمرين للقيام بذلك وتأسيس شركات سياحية تقوم بجولات للمناطق التراثية والشواطئ والرحلات البحرية وزيارة المحميات المختلفة والاستمتاع بفرسان الجميلة.