من أعماق التاريخ الرياضي، ومن خلال تراكمات الأيام الماضية، هب شباب ولد في مهد الرياضة وتغذى بألبانها.. بكنف رعاية كريمة من أسرة اتحادية عريقة تشبعت بالروح الرياضية العالية التي كانت سائدة.. والتي هي ديدن أولئك الكبار مثل عبداللطيف سفيان باناجة وإخوته عبدالسلام وعبدالمجيد، ومن العجيب والغريب أن يشب عن الطوق بعض الأبناء لينزعوا التقليدية ويحيوا نهجا جديدا ويتحولوا إلى أهلاوية لم تمنعهم اتحادية آبائهم أو تحول دون تحقيق رغباتهم وسط بيئة رياضية عالية السمات.. فالأهلي والاتحاد والوحدة وغيرها من الأندية تصب في صالح رفعة الرياضة والارتقاء بالروح الرياضية وبالفهم الرياضي الصحيح تحت سماء الوعي الرشيد ليرتقي إلى القيمة الأخلاقية التي هي هدف الرياضة.. ولعل التحلي بالروح الرياضية هو أبرز أهداف وسلوكيات التربويين والمدربين والمربين.. فالتعصب هو الذي يسبب الخروج على المألوف من خلال التشنجات وانفلات الأعصاب لتخرج عن سيطرة العقل ويحدث ما لا تحمد عقباه. سماء جدة تتلألأ تكريما للنجوم: نعم، وفي هذا المساء الذي يتنسم حبا ووفاء وإخلاصا وتقديرا لأولئك النخبة الذين قدموا ملحمة للفن الكروي الرياضي في عفوية شهدت الجماهير على ملاعب الصبان وعلى ساحة إسلام تلك القدرات، وهي ترسم إبداعاتها ومواهبها الفذة التي كانت تشعل مشاعر الجماهير التي كانت تجد في هذه المباريات متنفسا تفرغ فيه شحناتها العاطفية المكبوتة وتنطلق صيحاتهم العفوية وترتفع نبضاتهم تتسارع مع كل هدف يهز الشباك معهم أو ضدهم لفريقهم أو للفريق الآخر حتى أنهم يخرجون بعد المباريات وكأنهم في مسابقة ركض فوق ست ساعات.. أعني بذلك مدى الجهد التفاعلي والنفسي والعضلي.. فالفائز سرعان ما تهمد هذه الانفعالات وترتفع معنوياته بالفوز، فينسى معها كل تلك المعاناة ويعيش ما تبقى من اليوم وحتى المباراة القادمة نشوة الانتصار، والخاسر فإنه يحمل همومه وحزنه إلى منزله ويعيش حالات الانكسار النفسي، ومع ذلك فقد كانت الروح الأخوية والرياضية هي السائدة. المكرمون في هذا المساء: إنها بحق لفتة إنسانية غنية بشتى المعاني لأولئك الذين أسدلنا عليهم ستارة النسيان، وغطي الغبار ذاكرتنا الرياضة، وتوارى أولئك النجوم خلف حجب الأيام.. وإن كانت هذه ظاهرة غير حضارية، إلا أن هذه الخطوة التي عمد إليها نفر من بيت رياضي عريق تبنته شركة يوسف عبداللطيف باناجة وشركاه (ياب) تكريم باقة من ألمع نجومنا القدامى الذين سطروا على ملاعبنا ملامح تاريخ كان مشرقا وكان ملء السمع والبصر.. أسهم في تأسيس القاعدة الكروية التي نشهدها الآن ووضعوا اللبنات الأولى للكرة السعودية.. وتسلم جائزة سوكر سين للتميز الرياضي لكرة القدم لعام 2014 هذا المساء لبعض النجوم وليس كلهم.. ولي كلمة، فإن هناك نجوما كحسني باز وعبدالرحمن الجعيد وعزيز مفتي وخليل مفتي والحارس الذي دوت شهرته إسماعيل فلمبان والاوزة والنور موسى، كما أن اللجنة المحترمة لم تأخذ في الاعتبار نجوم الطائف في ثقيف والتضامن.. ولكن وللتاريخ نقر هذا الجهد المبارك خير من تلك المزايدات التي كان يعلن عنها كتكريم أحمد جميل وتكريم صالح النعيمة وتكريم ماجد عبدالله.. وتكريم وتكريم، ولكنها لا تعدو كونها ظاهرة صوتية. راعي الحفل عنوان النجومية: ومن أعجب العجاب أن يتولى رعاية التكريم في هذا المساء.. نجم من نجوم الساحة الرياضية.. تألق في شموخ حارسا للمرمى وسبحان الذي خلق.. اليوم هو حارس للكرة وقائدها البار والبارز على المستوى المحلي وعلى المستوى الدولي.. أهله لذلك تاريخ طويل مرصع بالنجومية وبالمواقف الكريمة التي وقف تاريخ الرياضة أمامها احتراما وتقديرا.. ومن أبرز تلك النقاط ضوءا أن فاز بجائزة الدولة كأحسن حارس مرمى.. لعل ذلك يحرر شهادة لقدراته الإبداعية والأخلاقية والمعنوية.. واليوم وهو يقف على منصة التكريم ليكرم الجيل الذي سبقه والجيل الذي عايشه.. هذه الوقفة إذا ما أعدنا قراءة التاريخ نجد فيها دلالة على الجهد الطويل الذي بذله أحمد عيد حتى وصل إلى هذه المرتبة المتقدمة في الريادة الكروية.. وإذا كان لي من تعليق، فإني أتوجه إلى شباب اليوم من الرياضيين أن يأخذوا أحمد عيد نموذجا ونبراسا حتى تتسع دائرة النجومية الراقية التي تدخل دائرة الاحترام والتقدير.. وحسبي الله ونعم الوكيل.