يقول عنوان الخبر: (منع دخول الإسعاف لجامعة الملك سعود يودي بحياة طالبة) !! وتحت العنوان صورة لمعالي مدير جامعة الملك سعود وهو يعزي أسرة الطالبة المتوفاة ! أصبت بالدهشة ولم أكد أصدق عيني عندما قرأت هذا الخبر في عكاظ يوم الخميس الماضي 6 فبراير 2014 م، إلا أن الصورة التي صاحبت العنوان أكدت الخبر بكل أحزانه وآلامه. ثم نقرأ في تفاصيل الخبر أن جامعة الملك سعود رفضت دخول الإسعاف إلى كلية الدراسات الاجتماعية في قسم البنات في الجامعة لإنقاذ حياة طالبة الدراسات العليا «آمنة باوزير» يرحمها الله، إثر تعرضها لأزمة قلبية حادة، مما أدى إلى وفاتها «بعد ساعتين» من مداهمة الأزمة القلبية. وأوضحت الصحيفة أن الطالبة باوزير كانت قد تعرضت لأزمة قلبية حادة داخل كليتها، وعند حضور الإسعاف للجامعة لم تسمح له الإدارة بالدخول إلى ساحة الكلية إلا بعد مرور ساعتين من حدوث الأزمة، مما تسبب في وفاتها. وعلل المسؤولون في الجامعة رفضهم دخول الإسعاف أن الفتاة الفقيدة كانت دون غطاء (عباءة) وأنهم لا يستطيعون إدخال الرجال لمبنى قسم الطالبات بالرغم من حاجة المريضة للعلاج الطبي الطارئ. وبعد ذلك تعرضت الطالبات اللاتي شهدن الحادثة إلى صدمة نفسية، وانهيار وبكاء هستيري، مع احتجاجهن على منع دخول الإسعاف لإنقاذ الطالبة، مبديات استغرابهن من رفض الجامعة لدخول الإسعاف بحجة أنهم رجال. وفي اليوم التالي (الجمعة 7 فبراير 2014م) ذكرت صحيفة عكاظ أن جامعة الملك سعود تنفي الإهمال في وفاة الطالبة باوزير « يرحمها الله»، حيث أوضح المتحدث الرسمي للجامعة أن الطالبة المتوفاة كانت تعاني من مشكلات في القلب منذ سن الرابعة، وأن سيارة الإسعاف حملت الطالبة المتوفاة إلى طوارئ المستشفى الجامعي عند الساعة الواحدة ظهرا (أي بعد ساعتين من معاناتها من الأزمة القلبية)، حيث استمرت محاولات الإنعاش لإنقاذها لأكثر من نصف ساعة دون استجابة إلى أن حدثت الوفاة. وتضيف الصحيفة أن المستشار القانوني لأسرة الطالبة المتوفاة أفاد أنه يحق لأسرة الطالبة المتوفاة رفع قضية على إدارة الجامعة لمنع رجال الإسعاف من إنقاذ ابنتهم، مع طلب محاكمة المتسببين، على اعتبار أن ذلك يعد إهمالا أدى إلى الوفاة، مما يعني قتلا بالخطأ. هذا أمر حدث في أكبر جامعات المملكة، مركز التنوير والثقافة، ومصدر العلم والإشعاع الفكري وبناء أجيال مستقبل البلاد، تصوروا! الأسئلة الكثيرة تربك العقل السليم إزاء هذا الحدث الغريب. المتحدث الرسمي أدان جامعته بنفسه للأسف، حين صرح أنه تم نقل الطالبة المتوفاة إلى قسم الطوارئ في الساعة الواحدة، أي بعد ساعتين من حدوث الأزمة القلبية، أي ربما حتى بعد وفاة الطالبة يرحمها الله. ثم تصريحه العجيب أن الفتاة كانت تعاني من مشكلات في القلب منذ سن الرابعة، وكأنه يضع الخطأ على عاتق الطالبة الفقيدة، ويبرئ جامعته من أي خطيئة، هكذا!! هل هذا هو تصرف مؤسسة أكاديمية كبيرة تجاه منسوبيها وطلبتها في مثل هذه المواقف؟ وهل هذا تصريح لائق؟ السؤال الآخر، هل تعتقد إدارة الجامعة أن الوفاة هي أفضل للفتاة من أن يرى وجهها رجل غريب، لذلك يحظر دخول ساحة قسم الطالبات، حتى الطبيب والإسعاف العاجل في حالات الطوارئ؟ وهل يعني هذا أن الأمر يمكن أن يتكرر في المستقبل؟ السؤال الثالث، ألا يوجد في قسم الطالبات في أكبر جامعة في البلاد عيادة لعلاج الحالات الطارئة، وخاصة حالات الذبحة الصدرية أو الأزمات القلبية أو الهبوط المفاجئ لضغط الدم أو ما شابه ذلك؟ السؤال الرابع، ألا تقول القاعدة الشرعية الواضحة أن الضرورات تبيح المحظورات؟ ألا يوجد لدى هؤلاء المسؤولين أي مرونة في التفكير وتطبيق التعليمات، وأي مقدرة على حسن التصرف في المواقف التي تتطلب ذلك، وفي كل الأمور عموما؟ السؤال الخامس، هل ستتم مساءلة المسؤول الأول في هذا الحادث المؤسف، وهو معالي مدير الجامعة نفسه الذى يجب عليه بموجب ضميره الأكاديمى ومنزلته العلمية الرفيعة أن يعلن مسؤوليته التامة عما حدث وتحمل كافة العواقب، بما في ذلك الاستقالة؟ السؤال السادس، هل ستتدخل هيئة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان في المطالبة بحقوق الطالبة المتوفاة وحقوق عائلتها المكتئبة من المتسببين في هذا المصاب؟ نحن جميعا، نؤمن بقدر الله وقضائه، لكن لا يجب أن نسكت على القتل بالخطأ والإهمال، كما ذكر المستشار القانوني محمد بن سعد الوهيبي في تصريحه لعكاظ. وأخيرا، لا أشك لحظة في أن الجهات المختصة قد بدأت بالفعل تحقيقا دقيقا وشاملا لإثبات حدوث جريمة القتل بالخطأ من عدمه، في أكبر مؤسسة أكاديمية في المملكة، ومعرفة المتسبب، ومعاقبته بما يستحق.