تداولت وسائل الإعلام المحلية، خبر رفض جامعة الملك سعود دخول الإسعاف مبنى الجامعة، كلية الدراسات الاجتماعية بقسم البنات؛ لإنقاذ حياة طالبة الماجستير آمنة باوزير، إثر تعرضها لأزمة قلبية حادة؛ مما أدى إلى وفاتها بعد ساعتين من مداهمة الأزمة القلبية. وأفادت التفاصيل التي نشرتها الزميلة عكاظ وصحف أخرى، أن الطالبة باوزير تعرضت لأزمة قلبية حادة، في تمام الساعة 11 صباحا، داخل كليتها، وعند حضور الإسعاف للجامعة، تم رفض دخوله وهو ما تسبب في تأخر إجراء الإسعافات اللازمة للحالة، ولم يسمح له إلا عند الساعة الواحدة ظهرا؛ ما تسبب في وفاتها. رحم الله آمنة رحمة واسعة، فقد قضت إلى ربها لأسباب كثيرة ومتراكمة من غياب الرؤية الإنسانية، وغلبة العرف، الذي لا يدعمه دين، ولا تقره الأخلاق السوية، ولا النظام الإنساني المتعارف عليه على مر العصور، واستياؤنا الذي يبلغ بنا درجات الغضب الشديد؛ لفقدان إحدى بناتنا في مثل هذه الظروف، هو غضب يصل إلى دائرة كل من له مسؤولية في تأخر وصول الخدمة الإسعافية للفقيدة الغالية آمنة، وأنا هنا لا أريد أن أقف موقف المدافع عن إدارة الجامعة، لكنني أعلم أن التنظيمات الداخلية في الجامعة كفيلة بعدم حدوث هذا السيناريو الحزين، بفقدان إحدى بنات الوطن، وأفول نجمها عن حاضر ومستقبل مسيرتها وأسرتها ووطنها، بل إن مثل هذا التنظيم للإسعاف في حالة الطوارئ، إن من يريد التصحيح؛ فعليه أن يرجع إلى أهل الخبرةهو تنظيم عريق في نفوس الناس وفي كواليس التنظيمات الإدارية، وأكاد أجزم أن الاجتهادات الشخصية هي التي أخرجت لنا مثل هذه الكارثة التي حلت بالفقيدة وأسرتها، ولا شك في أن الذين وقفوا دون دخول رجال الإسعاف بحجة الغطاء أو غيره، قد ارتكبوا خطأ فادحا كان ثمنه تلك الريح الطيبة التي قضت إلى ربها، والدائرة القريبة للحدث وأقصد بها التنظيم داخل الكليات والجامعة هو بلا شك في مرمى الملامة الشديدة؛ لضرورة وجود أوامر مباشرة صريحة لا تخفى على أحد في مثل هذه الحالات، وهذه الأخطاء الفادحة من تصرفات شخصية وعدم الصراحة في مثل هذه الأمور هي حادثة تتكرر في مؤسسات التعليم الأنثوي في المملكة بصورة يومية، ولكن ما كشف الغطاء في حالة الفقيدة آمنة أن الأمر تطور إلى وفاة، والحال في معظم الأحيان أقل من حدوث الوفاة على أن من يريد التصحيح فعليه أن يرجع إلى أهل الخبرة في حوادث موت الفجأة؛ ليعلم ان وصول الخدمة الطبية الى المصاب بإغمائة، يجب ان يكون فوريا، حيث إنه في حالة بدء الرجفان البطيني فإن الأمل في عودة الحياة بإذن الله يتناقص بمقدار 10٪ لكل دقيقة، مما يعني استحالة عودة الحياة بعد عشر دقائق، وهي حالة الموت في التعريفين الطبي والشرعي، والتي تظهر بعدها علامات الموت الأخرى ،وعلى مسؤولي التعليم الأنثوي في المملكة العلم بهذا، وإن ما أصاب آمنة غفر الله لها لا بد ان يعتبر سيناريو متكررا، ودخول بناتنا وزوجاتنا في مبانيهم صباح كل يوم هو إعلان رسمي لمسؤوليتهم عن سلامتهن الجسمية، كما هي سلامتهن العقلية والفكرية، أما وجود مديرة تصرخ في وجه زميلات ابنتي لميس المغمى عليها؛ ليعدن إلى أماكنهن وتركها في حالها فهو أمر يجب أن يزال من مدارسنا وجامعاتنا، بل وأن تعاقب مثل هذه المديرات. وما أنقذنا هو قيام المعلمتين الفاضلتين رفعه الدوسري ودليل العتيبي اللتين أخذتهن الفزعة الفطرية؛ لنقل ابنتي للمستشفى، ضد رغبة المديرة، التي لم يحركها منظر الدماء النازفة من رأس الحبيبة لميس، ولم يؤنبها الضمير الإنساني السوي؛ لكون الحادثة كانت بسبب إصابة مروحة الفصل من العيار الثقيل على رأس إحدى طالباتها، ويبدو أن من أشرف على سيناريو الموت لابنتنا الأخرى آمنة باوزير لم يكن بأحسن حال من تلك المديرة، والأهم من هذا وذاك أن نسمع من كان حيا؛ لعشمنا بان لا زالت حياة لمن ننادى، هي حياة قادمة بقدوم ابن الفيصل في سدة الأمر للتعليم، أما التعليم العالي فإننا ننتظر منهم أكثر من واجب العزاء، لمن فارقت دنيانا تحت سقف إحدى جامعات وزاراتهم، والله المستعان على ما يصفون. [email protected]