انتشرت في السنوات العشر الأخيرة سيناريوهات الأخطاء الطبية بسبب سوء تقدير من الطبيب المعالج لحالة المريض، وعدم تشخيص الحالة بشكل سليم، أو جهل المريض بخطورة بعض الأمراض التي يعاني منها ولا يشعر الطبيب بها، ومن المعلوم أن وزارة الصحة اتخذت بعض التدابير للحد من الأخطاء الطبية، كفحص الشهادات الطبية للأطباء من مصادرها الأساسية والتأكد من صحتها، ولكن هل يحد هذا الإجراء من تفاقم الظاهرة المتنامي. سؤال طرحته «عكاظ» على أصحاب الاختصاص من الأطباء والباحثين في العاصمة المقدسة، حيث أوضح الباحث والمحلل الاجتماعي والصحي جمعة الخياط بقوله «نحتاج فعلا ان نقرع ناقوس الخطر فهناك اسباب رئيسية للأخطاء الطبية التي يتورط فيها الأطباء ويدفع ثمنها المرضى ومنها تدني المستوى التعليمي عند كثير من الأطباء وتجاهل التدريب لحديثي التخرج منهم، وأيضا توقف التعليم الطبي المستمر للطبيب، وجهل الطبيب وافتقاده للكفاءة والخبرة اللازمة للتعامل مع الحالة وتشخيصها أو اجراء العملية الجراحية المطلوبة، كما أن هناك بعض الأخطاء المهنية الناتجة عن اهمال وتكاسل الطبيب». من زاوية اخرى يؤكد الدكتور اسامة سيف الله جان أن من الاسباب الرئيسة لحدوث الخطأ الطبي هو عدم مصداقية المريض في توضيح المشكلة الحقيقية للطبيب وخاصة الأمراض المناعية أو الأمراض المزمنة والجراحات السابقة أو عدم معرفته بتاريخه المرضي أو تاريخ الأسرة المرضي الذي لو كشف عنه لسهل على الطبيب تشخيص المرض بعينه وصرف العلاج المناسب له بالتالي وتجنب الخطأ الطبي. ويمتدح الدكتور اسامة جان فكرة الملف الالكتروني للمريض التي اقرتها وزارة الصحة والذي يعد بمثابة المفتاح للطبيب ليتابع تاريخ المريض المرضي وبالتالي يسهل عليه بعد التشخيص صرف العلاج للمريض ومتابعة حالته حتى الوصول للشفاء التام بمشيئة الله. ويقول الدكتور ايهاب حسين اخصائي الجلدية ان الاخطاء الطبية في الامراض الجلدية تراوح بين اخطاء بسيطة وخطيرة كعدم احتساب الجرعات الدقيقة لبعض الادوية والتي قد تؤدي الى نتائج غير حميدة او سلبية مثل استخدام بعض ادوية الامراض المناعية كالصدفية الالتهابات الفيروسية والخطأ في احتساب جرعتها قد يؤدي الى انتكاسة مناعية للجسم وتدهور في المرض او حالة الجسم عامة كذلك عدم تحري الدقة في معرفة الادوية التي يعاني المريض من حساسية لها والتي قد تؤدي في حالة تناولها ايضا الى تدهور خطير في المرض او الوفاة لا سمح الله. ويرى سعيد البنداري فنى الرنين المغناطيسي والاشعة المقطعية ان في ابجديات الاشعة سواء لا بد من سؤال أي مريضة اذا كانت حاملا ام لا؛ لأن في ذلك خطورة على الجنين. ولا بد على فني الاشعة اثناء الفحوصات الطبية ان يتأكد من أن وظائف الكلى طبيعية وذلك بعمل تحليل كيرياتينين للمريض. ويوضح الدكتور نورالدين عبدالرحمن نورالدين استشاري الجراحة العامة أن هناك فرقا بين الاخطاء الطبية والمضاعفات التي قد تترتب على أي إجراء أو تدخل جراحي فالأخطاء الطبية من الجراح قد تكون غير متعمدة او ناتجة عن إهمال متعمد في اتباع الاساليب العلمية السليمة في التشخيص او التجهيز للإجراء الجراحي أو خلال اجراء التدخل الجراحي نفسه، وهو ما يستوجب المحاسبة والمراجعة واتخاذ ما يلزم قانونيا حسب النظام المتبع في المملكة. ولتلافي الاخطاء الطبية او المضاعفات التي قد تحدث نتيجة اي تدخل طبي او جراحي ينصح نورالدين بضرورة ان يثقف المجتمع طبيا من خلال عدة محاور مثل الصحافة والتوعية والثقيف الصحي عن طريق وسائل الاعلام المختلفة كالتلفزيون والإذاعة والصحافة ووسائل الاتصال الاجتماعية مثل الإنترنت ليطلع المريض قبل اي اجراء طبي على ماهية المرض الذي حضر به للمستشفى من احتمالات حدوث مضاعفات سواء من الحالة المرضية نفسها او من التدخل العلاجي او الجراحي. وأن يكون بكل مستشفى فريق طبي علمي وظيفته الاساسية تقييم المرضى المنومين بالمستشفى قبل اجراء اي تدخل طبي او جراحي ومناقشة كل ما تم من جراحات وإجراءات علاجية واستبيان مواطن حدوث المضاعفات أو التقصير لمعالجتها على الوجه الفوري. وأضاف: ليس شرطا ان كل من تعرض لانتكاسة طبية يكون سببها خطأ طبي، لذا أنصح اي مريض يعاني من اي مرض وخاصة الامراض الجراحية كالفتاق وحصوة المرارة ومشاكل الشرج وأورام الجلد او اورام البطن وغيرها ان يبادر الى مناظرتها بواسطة طبيب الجراحة المختص وهي في بداياتها حيث يسهل علاجها او اجراء جراحة بسيطة لها. كما يجب على كل رجل وأنثى فوق سن الاربعين ان يقوما بعمل فحص دوري شامل مرة واحدة كل عام من اجل اكتشاف الامراض كضغط الدم القاتل الصامت والنقرس، وقصور وظائف الكلى، وأمراض الكبد، والأورام ومنها سرطان البروستاتا وأورام الثدي والمبيضين والرحم وعنقه وباقي اجزاء الجسم. ونوه علي عيوني مدرب الانعاش الرئوي ومنسق دورات وزارة الصحة بالمنطقة الغربية أن من الاهتمامات التي تؤكد تدارك المسؤولين للحد من الأخطاء الطبية ملاحظة إلزامية التسجيل المهني لجميع العاملين بالقطاعات الصحية الحكومية والخاصة لدى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية للمساهمة في الارتقاء المهني وتطبيق ما نص عليه النظام الجديد على إلزامية التأمين ليكفل حقوق المريض ضد الأخطاء الطبية ويعزز من مهام الفريق الطبي. ويستغرب طبيب الاطفال بمكةالمكرمة الدكتور حسان محمد الفدا افتقاد المستشفيات العامة والخاصة الى لجنة الأمراض والوفيات، حيث يفترض ان تكون تلك اللجنة موجودة في كل مستشفى لمتابعة الأخطاء الطبية وعمل تحقيق في كل الخطوات والإجراءات التي تم عملها للمريض حتى لو كانت الاجراءات سليمة، وذلك للحفاظ على مستوى الخدمة الصحية المقدمة للمرضى لتطابق معايير الجودة الشاملة. أما فني الصيدلة محمد هاشم الشريف فيوضح أنه لا تخلو مهنة الطب من الأخطاء التي يجب على الجميع التكاتف للحد منها وتقليلها لأدنى النطاقات.