لا يدهشني هوس السعوديين بتويتر على قدر ما يدهشني هوسهم بالتغريد وإعادة التغريد، أو بمعنى آخر التواجد «التويتري» لمجرد التواجد. وخير ما يعبر عن هذا الهوس هو الهاشتاق الذي كان من الأكثر رواجا الأسبوع الماضي (غرد _بأي _ شي _ بس _ لا _تسكت). إذن لا يهم ماذا يقول المغردون، المهم أن يغردوا وأن يعيدوا تغريد ما قد تم تغريده! فكثيرا ما تجد المغردين السعوديين يقومون بإعادة تغريد بعض المواضيع الطويلة بعد أقل من نصف دقيقة من نشرها بداية. فمن المستحيل لعاقلٍ أن يصدق أن هؤلاء المغردين قد قرأوا أو حتى تصفحوا ما قاموا بإعادة تغريده مهما بلغت سرعتهم في القراءة! إذن هؤلاء المغردون يسعون لأن تكون لهم الأسبقية في التأثير «التويتري» من خلال نشر الأخبار أو ما يعتقدونه أخبارا، لكي يرضوا نرجسيتهم ويشعروا بأهميتهم وإن كان بشكل لحظي. من الجميل أن يجد السعوديون منصة يعبرون فيها عن أفكارهم وعن أنفسهم، في بيئةٍ يتربى فيها الطفل على أن تقويض أفكاره وكبت آرائه هو ما سيجعله مقبولا اجتماعيا. وهي قبل أي شيء منصة من الممكن أن تساعد السعوديين على إدراك وجود الاختلافات الفكرية، حتى وإن لم يتقبلوها. لكن أن نعتقد أن المشاركة التويترية، لا تعدو كونها أرقاما و«ريتويتس»، فهذا يعني أننا لم نتجاوز هاجس إثبات الوجود. إذا لم نهتم بأهمية وقبل أي شيء بجدوى ونفع ما نغرده، فهذا يعني أن وجودنا التويتري ليس سوى استجابة شرطية لتعزيز الأنا أو الإيجو. وإذا لم نتوقف عن ربط وجودنا التويتري بأرقام التغريدات و«الريتويتس»، فإننا لن نكون سوى زيادة عدد، وستبقى أصواتنا أقرب إلى النباح الذي لا يساهم إلا في الضوضاء الإلكترونية!.