تعجبني بعض اللفتات الذكية الصادرة عن جهات حكومية أو أهلية حتى لو كانت تلك اللفتات محدودة من حيث الأهمية لأنها غالباً ما تكون غنية من حيث الإنسانية، وآخر ما أعجبني من لفتات إعلان إدارة مرور الدمام عن استعدادها لتوصيل أي طالب خلال مواسم الامتحانات تعطلت سيارته صباحاً وهو في طريقه إلى مدرسته أو جامعته لأداء الامتحان الذي يبدأ في ساعة بل وفي دقيقة معينة يحرص القائمون على شؤون الامتحانات على إلزام جميع الطلاب والطالبات بها لارتباط البداية بالأسئلة والوقت المحدد لاختبار كل مادة وبالإجراءات التنظيمية المصاحبة للاختبارات وعلى الرغم من أن تعطل سيارات الطلاب صباحاً قد تبدو نادرة وأنه يمكن الاستعانة بسيارة أجرة أو حتى «رويكب» للوصول إلى صالة الامتحان في الوقت المحدد، إلا أن اللفتة نفسها هي لفتة ذكية نشعر المجتمع أن مرور الدمام جزء منه، وأنه لا يكتفي بتقديم خدماته المرورية بل يساهم في تقديم خدمة اجتماعية سخية. لقد رأيت بأم عيني شباناً واقفين على قارعة الطريق في الساعة السابعة صباحاً وبجوارهم سياراتهم المعطلة وقد علا محياهم القلق الشديد وربما يكون في السيارة نفسها إخوة أو أخوات لهم، وهم يؤشرون لبقية السيارات طلباً للمساعدة ولكن الجميع يكون على عجلة من أمره، وحتى عندما يحاولون تدارك الأمر باستئجار سيارة أجرة فقد يمر وقت ثقيل كأنه الجبال قبل أن يحصلوا على ما يريدون، في ظل غياب نقل جماعي منظم ومنتظم مما جعل الناس يعتمدون كلياً على سياراتهم الخاصة حتى المهترئة منها لأنها على قد الحال. وأعود إلى اللفتة الذكية التي صدرت عن مرور الدمام بالمنطقة الشرقية مؤكداً أنها لفتة تستحق التحية حتى لو طبقت بصورة جزئية لأن المجتمع بحاجة إلى أفكار ومبادرات إبداعية تدل على تمتع من يقدمها بالأحاسيس الوطنية وبذلك تسمو القيم الغنية وتسود حضارة بهية! السديري .. والدجاجة! استشهد الكاتب الظريف الأستاذ القدير مشعل السديري ذات مقال ببيت شعر شعبي يقول فيه صاحبه [بعض العرب ودك تحطه بكرتون وتكتب على الكرتون: «وسطه دجاجة»!] ولما تأملت قول الشاعر الشعبي، ثم تأملت أحوال أمة العرب التي يزيد عددها عن ثلاثمائة مليون نسمة تساءلت بيني وبين نفسي كم تحتاج من الكراتين التي يكتب عليها: وسطه دجاجة؟!