خسر الهلال، وكسب سامي، وعاد النصر من الباب الكبير.. هكذا كان المشهد في موسمنا العجيب، وهكذا تجلت الحقيقة دونما رتوش أو مجاملة. استيقظ الأصفر من سباته العميق، وأفاق من كابوس سنواته العجاف على وقع استثنائي أشبه بالحلم على قدره كان النصر، وكانت معه البطولة «المحلية» التي أنستهم حلاوتها «وهم» العالمية، حتى لم يعد لها ذكر في قواميسهم؛ لأنها ببساطة لا توازي طعم التتويج وقيمة الجهد وحصاد البطولات، ولأن شعارات الأهازيج وسوق المبررات لا توازي العمل على أرض الواقع. قطف النصراويون ثمرة الصبر على رئيسهم فيصل بن تركي، وقطف هو الآخر ثمرة صبره عليهم، وعلى بني هلال أن يستفيدوا من هذا الدرس وأن يجابهوا غضبهم بالصبر، ففريقهم ما زال وسيظل الثابت في صراع المنافسة على الإنجازات. قدر الهلاليين أنهم أرادوا صناعة مدرب وطني «فاخر» في زمن نضوج غريمهم التقليدي فنيا واشتداد سواعده معنويا، توارى هلالهم عن سماء التتويج وتجرعوا مرارة الفضة التي لم يألفوا بريقها ولم يعتادوا حسرتها. كسب سامي دعما جماهيريا وزخما إعلاميا كبيرا، لكنه خسر أسهما من بريقه بحسابات متعجلة وغير دقيقة، لم تواكب ذكاءه المعهود وطموحه الكبير وتطلعات أنصاره، وبات عليه العمل بهدوء على استعادة ثقة المدرج العاشق الذي تجرع لوعة الخسارة من أجله، وارتضى الصبر على عثرات الفريق وحضوره الباهت في سبيل الوفاء له ولأمثاله من المخلصين. سامي الجابر يدرك أنصاره ومبغضوه أنه حالة فريدة بين الرياضيين السعوديين يستحق أن ينال فرصته كاملة غير منقوصة، ليس من أجل ألقاب زرقاء أو شماتة صفراء أو من أجله فحسب، بل من أجل خلفه من النجوم الذي يتلمسون أولى الخطوات في عالم التدريب، لكن ذلك يجب أن يرتهن إلى مردود يوحي بأنه جدير بقيادة الدفة الفنية في فريق بحجم ناديه الحالي. في المعسكر الأزرق أصبح على الإدارة أن تكون أكثر ديناميكية في التعاطي مع الفريق، وأن تتخلى عن عزلتها عن الجهاز الفني، وعلى سامي الجابر أن يدرك أن ورقة التحفيز والروح الجماعية قوة تفوق كل الخطط والتدريبات، وأن حالة البرود والتراجع في الأداء لبعض الأسماء المميزة قضية تحتاج إلى مكاشفة وعلاج، إن أراد الفائدة.