اعتبر عدد من المواطنين الواسطة تسلب البعض حقوقهم وتمنحها لمن لا يستحقون وتوقف تقدم الأمم، محملين البيروقراطية جزءا من تفشيها في المجتمع، في ظل تعقيد إنجاز المعاملات ما يدفع البعض للاستعانة بمتنفذين ينهون مصالحهم حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين. وشددوا على أهمية تكثيف التوعية في المجتمع لإيضاح أضرار الواسطة، مطالبين بتطبيق النظام على الجميع ليأخذ كل ذي حق حقه. وأوضح علي بن محمد أن الواسطة احكمت قبضتها على كثير من مفاصل الحياة، من أكبر مؤسسة إلى أصغر مطعم، لافتا إلى أنه بمجرد معرفتك بعامل في أحد المرافق فإنه يجنبك تطبيق النظام، ويفي بحاجتك قبل الآخرين، حتى لو كانوا هم الأولى بالحصول على الخدمة قبلك. واعتبر الواسطة تسهم في ضياع حقوق الموهوبين وأصحاب الحقوق الذين لا يعرفون شخصية نافذة تذلل لهم العقبات التي قد تعترضهم، في حين ينال المحظوظون مبتغاهم بطريقة سهلة وخارج حدود الانتظار. ووصف علي بن محمد الواسطة في المجتمع بالداء المعدي سريع الانتقال والانتشار، موضحا أن جوانبها الايجابية لا تذكر أمام الاضرار التي تلحقها بالمجتمع، ملمحا إلى أن كثيرا من الناس باتوا يعتمدون على الواسطة في تدبير شؤون حياتهم. وأفاد بن محمد أن كثيرا من الناس لا يستطيعون تدبير شؤون حياتهم دون الاستعانة بأشخاص نافذين، متمنيا تكثيف التوعية في المجتمع للحد من انتشار الواسطة التي تسببت في هدر حقوق الكثيرين. إلى ذلك، رفض عبدالله عطاالله الهذلي الواسطة وطالب بالقضاء عليها، لأنها تساوي بين المجتهد وغير المجتهد، وربما ترجح كفة الأخير على الاول، مشيرا إلى أن من له واسطة قد يأخذ حق غيره بطريقة غير مشروعة ويجرد من يستحق من حقه في الحياة و العمل. وأكد أنه حريص على تدبير شؤون حياته دون الاعتماد على الواسطة، حتى لو كانت ضرورية لتسيير أموره، وقال «لا أبحث عنها وأحاول قصارى جهدي محاربتها شخصيا، ولكن للأسف فالواسطة منتشرة جدا وتفرض نفسها علينا»، مبينا أنه يمكن الاستغناء عن الواسطة فلو كان هناك فائدة من ورائها لكانت الدول المتقدمة هي أول مستفيد منها. ووصف الهذلي الواسطة بالأمر السلبي في المجتمع ولا بد من القضاء عليها لأنها تضر المجتهدين وتتسبب في تسلل الاحباط إلى نفوسهم، موضحا أن الاسباب التي أدت لانتشار الواسطة تعقيد المعاملات وصعوبة إنجازها. وقال أحمد البدوي إن الواسطة أصبحت شيئا ضروريا في المجتمع، وعلى الرغم من سلبياتها إلا أن هناك كثيرا من الناس يعتمدون عليها بعد الله كما يطلق عليها بالفيتامين. بينما ذكر عيسى عبده بأن الواسطة تسببت في حرمان الكثير من حقوقهم كالتوظيف أو الرعاية او الاهتمام، مشيرا إلى أن الواسطة سلبت كثيرا من الخريجين الذي يحملون شهادات عليا حقهم في التوظيف. وترى صالحة اليامي أن المجتمع يمكنه تلافي كثير من السلبيات، إلا الواسطة أو ما يعرف محليا بفيتامين «واو»، لافتة إلى أنها لا تنسى حين دخلت إحدى الدوائر الحكومية، واستلمت رقما في انتظار دورها، إلا أن سيدة دخلت على الخط وما إن رأتها الموظفة حتى قامت من مكانها وتوجهت إليها مسرعة، وأنجزت معاملتها قبلنا، ما اثار استياء المتواجدات في المكان. في المقابل، أوضحت الاخصائية الاجتماعية وفاء الشمري أن القرآن الكريم قسم الشفاعة وهي الواسطة إلى قسمين حسنة وسيئة، الحسنة هي رفع الظلم او ايصال الحق لصاحبه او العفو عمن رغب الاسلام فيه بالعفو او الاصلاح بين المتخاصمين وما شابه ذلك من حقوق الاخرين، وهذه مطلوبة للمساهمة في صلاح حال المجتمع لقول رسول الله عليه الصلا ة والسلام «احب الناس الى الله انفعهم للناس، واحب الاعمال الى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة او تقضي عنه دينا او تطرد عنه جوعا». وذكرت الشمري أن الواسطة السيئة هي ما يترتب عليها ضرر او ظلم او هضم حقوق انسان، معتبرة هذا النوع من الامراض الاجتماعية التي انتشرت لاسباب اهمها ضعف الوازع الديني وضعف القوانين والانظمة. وأفادت الشمري أن للواسطة آثارا اجتماعية سلبية تؤثر على المجتمع والفرد وتدفعه للفشل والانحدار والتخلف ولها اثار مدمرة وتتمحور حول الخلل في النظام المالي وانتشار الرشوة والاحتكار والفساد وينعكس على المواطن فيفقد ثقته بالمؤسسات الحكومية والخدمية وتضعف القيم والمبادئ وتسهم في ازدياد معدلات الجرائم، محذرة من أن تسهم الواسطة في ظهور مشكلات اجتماعية معقدة ومن اهمها الحقد الطبقي وبالتالي تتاخر المجتمعات ويتعرقل التقدم.