قيل الكثير عن حكاية المستثمر الأجنبي في بلادنا الذي لا يشكل تواجده إضافة نوعية للاقتصاد الوطني، سواء من حيث جلب التقنية الجديدة أو التأصيل لمعرفة متقدمة أو بخلق فرص وظيفية لأبناء الوطن. ذات يوم رأيت أحدهم، كان يعمل في بيت أحد الأقارب، قال هذا (المستثمر) أبوفلان، وكان الرجل منهمكا في عمله كمبلط. هل وجود الرجل بمهنته العادية تلك وأدواته البسيطة يمثل إضافة نوعية إلى اقتصاد البلد؟! وهل سن أنظمة الاستثمار الأجنبي وتوظيف الجيش العرمرم من العاملين في تلك الهيئة، لانتظار تدشين (مستثمرين) بنوعية هؤلاء؟! بلا شك تواجد ذلك المبلط البسيط بتأشيرة (مستثمر أجنبي) هكذا بلا كفيل ربما يمثل إضافة مهمة له وللعمالة التي تحت كفالته، فهو في البداية والنهاية سيظل سيد ذاته. وتساءل الزميل (عبدالإله ساعاتي) بتاريخ (27/1/2014) في مقاله المنشور في «عكاظ»، قائلا: «لماذا لا يكون لدينا في المملكة فرع لمستشفى (مايو كلينيك) أو مستشفى (نيويورك) أو مستشفى (ماساتشيوستس العام) الأمريكية.. أو مستشفى (لندن كلينيك) اللندنية.. أو (المستشفى الأمريكي) الباريسي.. أو مستشفى (ماينز) الألماني.. أو مستشفى (هيرسلاندن) السويسري.. أو غيرها من المستشفيات العالمية المرموقة التي يشد إليها الرحال من كل مكان في العالم طلبا للاستشفاء».. وفعلا نحن في أمس الحاجة إلى جلب هذه النوعية من الاستثمارات التي تمثل إضافة حقيقية للقطاع الصحي، والتي نحن في أمس الحاجة لها ليس في (جدة) فقط وإنما في كل وطول عرض المملكة. تخيلوا على سبيل المثال في منطقة حائل التي تعج بنصف مليون من البشر، بعدم إمكانية إجراء عملية القلب المفتوح في مستشفياتها المتهالكة، فتجد الناس يذهبون هنا وهناك، للمدن الكبيرة أو الدول المجاورة كالأردن لعمل تلك العمليات. نحن أيضا في حاجة إلى فتح فروع لجامعات ومعاهد عالمية وعريقة ومعروفة كهارفارد وأكسفورد وكامبردج والسوربون وفرايبورغ وغوتنغن... إلخ.. خاصة وأن مخرجات التعليم الحكومي لا تتناسب مع فاتورته الآخذة بالتضخم عاما بعد عام. أو بتوقع الأسوأ بعدم القدرة على الإنفاق الحكومي عليه إلى ما لا نهاية خاصة في حال تدني أسعار النفط لا قدر الله. لاشك أن جلب هذه النوعية من الاستثمارات الأجنبية، بالضرورة يجب أن يواكبه فكر خلاق، وإلى زيارات مكوكية لعقر دار أصحاب تلك المؤسسات، لتعريفهم بحجم الانفجار السكاني الشاب، ولتشجيعهم بالتواجد، والأهم بتسهيل واختصار إجراءات الاستثمار، وتقديم التسهيلات العقارية والمالية اللازمة.. الشاهد نحن بحاجة إلى استثمار أجنبي نوعي كما هو حاصل في كل بقاع الأرض. واعتقد أن قطاعي الصحة والتعليم أهم مجالين للاستثمار في الوقت الحالي.