أصوات الآليات وحدها تحيل صمت وادي الأسمر «وادي لمى» كما أطلق عليه إلى ضجيج مصحوب بالقلق والترقب، مهندسون ورجال إنقاذ وآليات وحركة دؤوبة انتظارا لحدث ما ينهي هذه الحالة والمعاناة التي طالت أيامها، معاناة يعيشها الجميع أهل لمى والفرق من كافة الجهات على حد سواء والتي ظلت تبحث عن جثة الطفلة لمى عايض الروقي منذ 48 يوما تقريبا في غيابة الجب ببئر وادي الأسمر التابع لمحافظة حقل بمنطقة تبوك. في وادي الأسمر، حيث ظلت أسرة الروقي والدها وأعمامها وأهلها يأتون إلى المسؤولين في الموقع ليمطروهم بوابل من الأسئلة المشروعة علهم يجدون ما يشفي قليلا من معانتهم التي قالوا إنها طال أمدها. والد لمى كل صباح، ذلك الأب المكلوم ظل في حالة انتظار لفرج يخرج جسد ابنته من غياهب الجب الذي غدر بها. «عكاظ» التقت به بعد أن زارت الموقع أمس (الخميس) وشاهدت الجهود الكبيرة التي تبذلها شركة معادن بعد أن تسلمت من شركة أرامكو العمل. بداية تحدث ل«عكاظ» والد لمى عايض بن راشد الروقي، مشيرا إلى أن انتظارهم طال أمده خاصة في ظل الوعود الكثيرة التي ظل يسمعها من المسؤولين وأضاف «مع ذلك نحن في انتظار فرج قريب بإذن الله وما لنا إلا الدعاء، ففي كل يوم أقوم بزيارة بئر الوادي الأسمر وأسألهم ماذا تم؟ أين وصلتم؟ ما هو الجديد؟ لا أحد يطلعني على ما يدور من تفاصيل». وعن أسباب التأخير يقول الروقي إن السبب ربما يكون في عمليات الحفر الأولى للبئر الجديدة الموازي للبئر الأصلي منذ بداية الأمر والتي صاحبها انحراف، مبينا أن أياما طويلة مضت وخطأ الانحراف مايزال مستمرا وهو السبب المباشر في عدم الوصول لنتيجة، مشيرا إلى أنه وعندما استلمت شركة أرامكو بدأ العمل من جديد وكل هذا الوقت والأيام الماضية ذهبت سدى، وتابع: منذ 17/2/1435ه ومازلت في الانتظار والصبر الطويل متسائلا عمن يتحمل ذلك. واعتبر والد لمى أن الخطأ الجسيم كان في بداية أعمال الحفر، مشيرا إلى أنه لا يحمل شركتي أرامكو ومعادن المسؤولية وأضاف «بالعكس عملهما جيد جدا وقد أعادوا الأمور إلى نصابها». وقال الروقي إنه لن يستعجل الأمر حتى تتضح الأمور، إلا أنه سيقاضي الجهة المسؤولة عن تأخير انتشال جثة طفلته لمى، وتابع: نحن ظلمنا كثيرا وبعدما نتسلم جثة طفلتنا حينها سيكون لكل حادث حديث. وطالب الروقي عبر «عكاظ» بعدم منع الصحفيين من الوصول إلى موقع الحفر، مشيرا إلى أن الإعلاميين شركاء في إنجاح العمل وشركاء في كشف الخلل والقصور، مقدما شكره لكل من وقف معهم كما شكر كل الأقلام الحرة التي تناولت بشكل إيجابي قضية طفلته لمى منذ حادثة سقوطها. من جهته، كشف ل«عكاظ» رئيس فريق الإنقاذ بشركة معادن المهندس محمد السفياني أن أعضاء فريق الإنقاذ بشركة معادن والذين يصل عددهم إلى عشرة أشخاص ما بين مهندسين ورجال إنقاذ يحتاجون إلى يومين فقط للوصول للهدف وهو «جثة الطفلة لمى». وعن أسباب التأخير والملابسات التي صاحبت عملية الحفر المعقدة أوضح أنه ومنذ البداية كانت الجثة عالقة في مستوى أعلى من الوضع الحالي لافتا إلى أن رجال الدفاع المدني حاولوا الوصول للجثة ولكن للأسف سقطت الجثة في مستوى أسفل في البئر، مما أدى إلى عملية التعقيد الحالية ليعود الجميع إلى النقطة صفر. وقال إنه وعندما بدأت شركة أرامكو بعد مضي 18 يوما عملت على ردم البئر عملوا على حفر بئر موازية، مشيرا إلى أن الجهود السابقة لم يحالفها التوفيق وعادت الأمور إلى نقطة الصفر. وأضاف «أؤكد لكم أن الأمور ستحسم قريبا خلال يومين بعدما بدأنا العمل باستراتيجية جديدة»، مشيرا إلى أن ضيق المكان بالأسفل يجعل الأمر صعبا حيث لا يسمح إلا بوجود شخصين، مبينا أنهم استعانوا بخبرات لها دراية بمثل هذه الحالات وهم مهندسون من جنوب أفريقيا إلى جانب الخبرات الفنية السعودية. وقال المهندس السفياني إن الجميع يعمل وفق توجيهات مهمة من قبل الدفاع المدني وكذلك الإدارة لدينا وهي الحرص على سلامة الأفراد، مشيرا إلى أنه تم رفع معدات السلامة فوق البئر، حيث يتم العمل بحرص شديد لشق النفق. وكشف المهندس السفياني أن الجثة توجد على عمق 38 مترا من السطح ما يعني أن النفق سيكون من تحت الجثة حيث يتم حفر 45 مترا في الأسفل ويتم الصعود والتقاطها من الأسفل إلى الأعلى لالتقاطها، وقد تم في هذا الخصوص الاستعانة بكاميرات الدفاع المدني التي تحدد وتشاهد كل الأعمال التي تتم وما هو أمامها. وأبان المهندس السفياني أن عمليات (تكييس) البئر تمت بحدود 22 مترا وباقي البئر لم يتم تكييسه، مشيرا إلى أنهم طلبوا عدم تكييسها بعد أن تم فحص البئر من الداخل بواسطة الجيولوجيين والذين أكدوا أن هناك طبقة من الصخور متماسكة وقوية ولا تحتاج إلى التكييس والتدعيم والتي ربما تضيق من قطر البئر. وعن عمق البئر أوضح السفياني أن طولها 114 مترا ولا توجد فيها مياه وهي جافة أما المياه التي تشاهدونها فهي بسبب عمليات الحفر والبئر الموازي الذي تم حفره بعمق 48 مترا والنفق الأرضي الذي بدأنا في حفره بارتفاع 44 مترا. وعما إذا كان العاملون قد اشتموا رائحة للجثة أثناء الاقتراب منها، قال السفياني «البئر مزودة بمعليات تهوية خاصة كمثل التي بالمناجم وهو هواء طبيعي، مما يعني أن من الصعوبة أن يشتموا أية روائح، على العموم أوكد لكم أن حسم الوصول لجثة الطفلة لمى سيكون خلال يومين فقط».