تعد حارة «طلعة الوزان»، التابعة لحي المسفلة الشهير في مكةالمكرمة، من أقدم حواري العاصمة المقدسة القريبة من الحرم المكي، هذه الحارة العتيقة تحتضن الكثير من الفنادق والشقق المفروشة، إلى جانب العديد من محال بيع الخردوات والأقمشة فضلا عن المطاعم والمطابخ الشعبية، وتعج في موسم الحج وشهر رمضان بالحجاج والزوار والمعتمرين. ويسكن الحي عدد قليل من المواطنين الذين حافظوا على منازلهم، في الوقت الذي انتقل معظم سكانه الأصليين إلى الأحياء الحديثة الأكثر تنظيما، وهو عبارة عن منازل قديمة في معظمها ومتهالكة وضيقة لا تتجاوز مداخلها المتر الواحد، وتنتشر في طرقاته المحال التجارية والمطاعم العشوائية المخالفة التي تفتقر لأبسط مقومات السلامة ومكتظة بالعمال من مختلف الجنسيات، فيما تتراكم في شوارعه الفرعية أكوام النفايات في مشهد ينذر بكوارث بيئية تهدد الصحة العامة وسلامة الإنسان. وكشفت جولة «عكاظ الأسبوعية» على حارة طلعة الوزان، خفايا وأسرار الحي العتيق، أبرزها كثافة سكانية وعشوائية مطلقة أشبه بالفوضى، انتشار المحال التجارية المخالفة، شوارع ترابية وروائح كريهة، نفايات ومستنقعات آسنة.. وهنا ذكر المواطن حسن محمد صادق، أن تسمية «طلعة الوزان» تعود في الأصل الى شخص اسمه حسن الوزان من عائلة الوزان يسكن رأس الطلعة، وكان يتاجر في العاب الأطفال والدراجات الهوائية، وما زال المنزل قائما حتى الآن. ويضيف «أسكن الطلعة منذ أكثر من 65 عاما وأعمل في محل لبيع الخضراوات وعاصرت الكثير من الذكريات الجميلة، واحتفظ بذكريات ومواقف ومناسبات مختلفة جرت فصولها داخل الحي وأزقته الضيقة»، مشيرا الى أن أهل الحي القدماء أحبوا حيهم لقربه من المسجد الحرام حيث يسمع الأذان بوضوح. شوارع ترابية ويقول صادق «ننعم بقرب حارتنا من بيت الله الحرام، إلا أن هذه النعمة تشوبها الشوارع الترابية و الروائح الكريهة الناتجة عن أكوام النفايات ومياه الصرف الصحي، فضلا عن العشوائية المنتشرة بكثرة تشوه المكان». وأضاف «يتحسر سكان الحى وهم يرون شوارع وطرقات وأزقة حيهم وقد تحولت إلى مرمى للنفايات ومرتع للحيوانات الضالة ومأوى لضعاف النفوس»، مبديا استياءه من تجاهل الجهات المختصة لوضع الحى المتردي، وعدم اهتمامها بنظافته حيث تنتشر أكوام النفايات في الشوارع والأزقة وتبقى لأيام عدة لتأخر عمال النظافة عن إزالتها. وقال «بين ممرات الأزقة الضيقة تنتشر عيادات العطارين بعيدا عن أعين الرقابة وهؤلاء يمارسون كافة أنواع التداوي السريع». عمالة مخالفة ومن جانبه، اعتبر أحمد عبدالله فلاتة حي طلعة الوزان بمكةالمكرمة أحد أكثر الأحياء خطورة في العاصمة المقدسة، نظرا لكثرة العمالة المخالفة الذين يمارسون «تشليح» عشرات المركبات على قارعة الطريق وبيع أجزائها كقطع غيار للسيارات بعيدا عن أعين الرقابة. ويضيف «هذه السيارات ربما تكون مسروقة أو عليها ملاحظات من قبل الشرطة فيتخلص منها بهذه الطريقة لطمس الجريمة»، مشيرا إلى أن العمالة المخالفة تتخذ من الحي مأوى وسكنا بعيدا عن ملاحقة الأجهزة الأمنية. وقال «ما إن تشرق شمس يوم جديد حتى تبدأ حركة لا تهدأ تستمر إلى الثانية عشرة بعد منتصف الليل». وتابع القول «يمثل الوافدون 85% من السكان، إذ تغلب الوجوه ذات السحنة الآسيوية على المكان، وهؤلاء تجدهم في كل ركن من أركان الحي، وفي الشوارع الخلفية والأزقة والشوارع الضيقة». وزاد «تنفذ الجهات الأمنية مداهمات ليلية لتعقب المخالفين، في حين تصادر بلدية المسفلة الاطعمة الفاسدة واللحوم مجهولة المصدر من المطاعم والمطابخ». ويضيف «هناك أشخاص من جنسيات معينة يأتون من خارج الحي ويقومون ببيع لحوم فاسدة بكميات كبيرة، وفي الآونة الأخيرة لوحظ أن هناك وقفة جادة من قبل أهالي الحي للتصدي لهؤلاء المخالفين ومنعهم من نشر سمومهم على المستهلكين». بيوت عشوائية وعلى عكس ذلك، يرى محمد أمين تغيرا للأفضل في حارة طلعة الوزان في الآونة الأخيرة، قائلا «لم نعد نسمع بجرائم السرقة كما كانت في السابق، كما انحصر نشاط المتخلفين في الحي بشكل كبير واختفت تجمعاتهم داخل الحارة خاصة بعد حملة التصحيح الاخيرة»، مشيرا إلى أن الأهالي يتسابقون لبناء مساكنهم بعيدا عن أنظمة أمانة العاصمة المقدسة لذلك باتت العشوائية سمة من سمات طلعة الوزان على حد قوله. ويضيف «حرمتنا العشوائية من التمتع بالتنمية التي من شأنها تغيير الصورة والسمعة السيئة التي لازمت الحي». وأردف «نعاني من كثرة المتخلفين الذين لجأوا للحي للتواري والاختباء عن أعين رجال الأمن، فيما العشوائية والمخالفات باتت من المشاهد المألوفة، فمن يستيقظ صباحا يشاهد مساكن استحدثت دون تراخيص، وأخرى هدمت للأسباب نفسها ونأمل من الجهات ذات العلاقة وضع حد لمثل هذه التجاوزات»، مشيرا إلى أن ضعف الرقابة الجهات الأمنية والخدمية يساعد كثيرا في انتشار مثل التجاوزات على حد قوله. وأوضح أمين أن الحى يعاني من كثرة الحفر التي تتوسط الشوارع التي تحولت إلى ترابية وعرة بسبب انعدام الصيانة، إلى جانب تداخل المنازل العشوائية وسوء التنفيذ وانعدام الرقابة لبلدية. وزاد «يعاني حي طلعة الوزان من التهميش وتجاهل الجهات المختصة»، متسائلا عن الأسباب التي أدت إلى تدني مستوى الخدمات في الحي بالرغم من موقعه في قلب العاصمة المقدسة. وقال «المتخلفون من الجنسيات المختلفة يسيطرون على الحي، ويقطنون بيوتا من الصفيح، ويثيرون الهلع في نفوس الأطفال والنساء خاصة أن تصرفاتهم تخدش الحياء أحيانا». وختم بالقول «الشوارع والطرقات الضيقة في الحى تشكل هاجسا يؤرق السكان ويعيق وصول سيارات وآليات الدفاع المدني في حاله نشوب حريق».