أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    "سلمان للإغاثة" يوقع اتفاقية لتشغيل مركز الأطراف الصناعية في مأرب    شراكة تعاونية بين جمعية البر بأبها والجمعية السعودية للفصام (احتواء)    المملكة تشارك في اجتماعات الدورة ال29 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    السفير الجميع يقدم أوراق اعتماده لرئيس إيرلندا    توقيع مذكرة لجامعة الملك خالد ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    هدنة لبنان.. انسحابات وإعادة انتشار    وزير الموارد البشرية: إنجازات تاريخية ومستهدفات رؤية 2030 تتحقق قبل موعدها    انتقادات من جيسوس للتحكيم بعد مواجهة السد    وزير النقل: انطلاق خدمة النقل العام بتبوك منتصف العام القادم    المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع يختتم فعاليات نسخته الثالثة بالرياض    الأونروا تحذّر من وصول الجوع إلى مستويات حرجة في غزة    بدء تشغيل الخطوط الجوية الفرنسية Transavia France برحلات منتظمة بين السعودية وفرنسا    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    أمير الرياض يطلع على جهود "العناية بالمكتبات الخاصة"    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    وزير الصناعة: 9.4 تريليون ريال موارد معدنية في 2024    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرق مصر .. خيار «الإخوان» لعرقلة فوز السيسي بالأغلبية الساحقة
نشر في عكاظ يوم 29 - 01 - 2014

هناك (3) سيناريوهات هامة تحدد مستقبل مصر خلال الفترة القادمة.. وبالذات بعد أن أصبح المشير عبدالفتاح السيسي أول وأقوى المرشحين وأقربهم إلى الدخول إلى قصر الرئاسة في بلاده بعد أقل من ثلاثة أشهر من الآن عقب اتفاق الشعب والقوات المسلحة والأمن المصري على أنه رجل المرحلة المناسب والجاهز والمؤهل لقيادة البلاد في هذه الظروف الصعبة والمعقدة.
لكنني وقبل أن أعرض عليكم تلك الخيارات الدقيقة أُذكِّر بأن جمهورية مصر العربية تواجه الآن ظروفاً مشابهة إلى حد ما للظروف التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي في (19 أغسطس 1991م) على يد الرئيس «جورباتشوف» ومجيء الرئيس «يالتسين» في (25 ديسمبر 1991م) إلى السلطة ثم إسقاط الشعب له وتخلصه منه وتسلم الرئيس الحالي «فلاديمير بوتين» لمقاليدها وهي في أشد حالات التفكك والانهيار.. حيث تمكن بعقلية رجل المخابرات السابق ودهاء الساسة وقوة العسكر من أن يحول بلاده من جديد إلى قوة عالمية منافسة توشك أن تُرجع الحرب الباردة السابقة إلى ما كانت عليه مع طرف وحيد يتحكم في العالم هو الولايات المتحدة الأمريكية .. لماذا؟
•• لأن «بوتين» كان يملك جميع المفاتيح .. وحشد خبراته الأمنية ومعلوماته السياسية ودهاءه السياسي خلف استحقاقات بلاده حتى أصبح من الصعب رؤية روسيا بدونه سواء في موقع رئيس الدولة أو رئيس الوزراء.
سطوع نجم السيسي
•• ورغم الفارق في اختلاف الظروف وطبيعة المرحلتين .. إلا أن المشير عبدالفتاح السيسي الذي ظهر على السطح بقوة منذ تعيينه وزيراً للدفاع في (12/ أغسطس/2012م) وبرز أمام الشعب المصري بوضوح شديد ولافت عقب البيان الأول الذي أصدرته القوات المسلحة المصرية في (23/ يونيو/ 2013م) وأعطت فيه مهلة أسبوع لإنهاء الوضع المتأزم داخل مصر بين الدولة المصرية في ظل رئاسة (محمد مرسي) وبين القوى السياسية والشعبية المناهضة لحكمه وسياساته.
•• يومها شعر المصريون أن وضعاً ما غير عادي قد طرأ على خارطة قوى السلطة في البلاد وأن القوات المسلحة بدت بمثابة اللاعب الأساسي في الصراع .. وإن لم يتوقع الجميع أن تكون المرحلة القادمة بالصورة التي انتهى إليها المشهد حتى الآن ..
•• لكن صدور بيان آخر للقوات المسلحة بتاريخ 1/يوليو/2013م حسم الأمر بصورة أشد عندما أعطى الجميع مهلة (48) ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخي وإنذاره للجميع ب «أن القوات المسلحة إذا لم تتحقق مطالب الشعب فسوف تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب .. ودون إقصاء أو استبعاد لأحد».
•• هذا البيان أكد أن القوات المسلحة المصرية قد وضعت يدها على مقاليد السلطة بالفعل .. وأن وزير الدفاع .. عبدالفتاح السيسي .. قد اختار التحيز للشعب بصورة نهائية لافتاً النظر في الداخل والخارج إلى أن مصر تدخل مرحلة مختلفة .. وأنه قد وضع اسمه على الصفحة الأولى في تاريخ مصر القادم بدليل تتابع الأحداث في هذا الاتجاه بصورة فائقة الدقة والتنظيم وفي ظل رؤية استراتيجية بعيدة المدى وبخطوات محسوبة بعناية مدهشة لكافة دول العالم وهيئاته ومنظماته .. وبدرجة أربكت حتى الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وجعلتها في النهاية تسير في نفس الاتجاه الذي رسمه القائد الجديد لثورة مصر في هذا القرن.
(3) سيناريوهات صعبة
•• نحن إذاً أمام أيام حاسمة .. وتاريخية .. لمشهد متعدد الأشكال والاحتمالات وتنوع السيناريوهات .. وإن كانت النتيجة النهائية المعروفة سلفاً هي «أن السيسي هو حاكم مصر القوي القادم بكل تأكيد» لكن هذا لا يمنع من التعاطي مع تلك السيناريوهات:
• السيناريو الأول:
برز عدد من المتداولة أسماؤهم للترشح لسباق الرئاسة مع بداية فتح هذا الباب في 18 فبراير 2014م ومنهم عبدالمنعم أبو الفتوح والفريق سامي عنان والدكتور محمد سليم العوا وحمدين صباحي وربما آخرون إما بهدف المنافسة وإثبات الوجود .. وإما بداعي التشويش على حملة المشير السيسي والحيلولة دون حصوله على أصوات أغلبية ساحقة تحول دون «تنمره» في المستقبل على حد قولهم ..
• السيناريو الثاني:
مراجعة بعض هؤلاء لحساباتهم .. تماماً كما فعل مرشح الرئاسة السابق (أحمد شفيق) وانسحابهم من المنافسة واقتصارها على مرشح واحد هو «عبدالمنعم أبو الفتوح» أو على مرشحين اثنين .. بإضافة «محمد سليم العوا» بهدف الحصول على دعم وتأييد وتصويت الإخوان المسلمين ومن تحالف أو سوف يتحالف معهم بمواجهة المشير السيسي لنفس الأهداف السالف ذكرها .. أو بظن منهم أن فرصة الفوز تظل قائمة لقناعتهم الخاصة بأن فئات كبيرة من الشعب المصري تتعاطف معهم وأنها سوف تدعم مرشحهم بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع هذا المرشح أو ذاك .. وذلك بداعي السعي إلى تقليص عدد الأصوات التي سيحصل عليها «عبدالفتاح السيسي» في النهاية وحتى لا يظهر معها الفارق الكبير بين نسبة أصوات من اختاروه من الشعب ومن اختاروا (محمد مرسي) قبل ذلك بنسبة (51.73%) فقط.
في إطار هذا السيناريو فإن «الإخوان» سوف يسعون إلى تأكيد حضور ما أسموه ب «أنصار الشرعية» وتكتلهم وراء مرشح واحد من قبلهم للحصول على نسبة كبيرة من الأصوات .. أملا في الفوز كما يعتقدون..
وإن كان لديهم خيار آخر هو «المقاطعة» وتصعيد الأعمال غير المشروعة وإشعال النار في أنحاء مصر بهدف حرقها .. والسعي إلى تعطيل الانتخابات والحد في النهاية من فوز السيسي بعدد غير مسبوق من الأصوات حتى لا يصبح قيادة تاريخية مطلقة في التاريخ المصري القديم والحديث..
وذلك هو ما أتوقعه وأرجحه لسببين اثنين هما:
(1) عدم طمأنينة وقناعة الإخوان بكفاءة وولاء كل من عبدالمنعم أبو الفتوح ومحمد سليم العوا للإخوان وقدرتهما على تحقيق أهدافهم وسياساتهم في المستقبل في حالة الفوز (الميؤوس منه).
(2) تأكدهم بأن مرشحهم أو مرشحيهم لن يحصلوا على قدر ملائم من الأصوات يضعف حصة منافسهم اللدود وبالتالي ظهور الإخوان بمظهر المهزوم «بامتياز» وخروجهم النهائي من ساحة السباق القادمة على كراسي مجلس النواب في الانتخابات البرلمانية التالية لانتخابات الرئاسة..
• السيناريو الثالث:
خلو الساحة تماما من أي منافس آخر للمشير عبدالفتاح السيسي وفوزه بهذه الانتخابات بالتزكية المطلقة .. وبالذات بعد توقع عدم ترشح الفريق سامي عنان لمنصب الرئاسة وفقاً لحسابات دقيقة ومدروسة ولتفاهمات وطنية عالية المستوى معه من قبل بعض الشخصيات المعروفة هدفها عدم التشويش على صورة القوات المسلحة المصرية الزاهية الآن .. وإظهارها بمظهر غير حضاري وغير وطني وإظهارها وكأنها تكتل سياسي أكثر من كونها مؤسسة وطنية تقود مرحلة حاسمة في تاريخ البلاد .. وفقاً لمصادر بعض السعاة والوسطاء والمهتمين بالشأن الوطني المصري .. وإن كان هناك من روج في الآونة الأخيرة لمقولة ترشح عنان بناء على وعود قاطعة من الإخوان بوقوفهم خلفه والتصويت لصالحه وضرب السيسي به .. وهو احتمال ضعيف لا أعتقد أن «عنان» سيرهن سمعته وماضيه العسكري المتميز لعرض كهذا .. نتائجه مكلفة وغير مضمونة العواقب في النهاية ..
•• وإذا انتهت الأمور إلى هذا الخيار الذي لا تريده ولا تتمناه النخب السياسية والثقافية والإعلامية التي ترغب في انتخابات متكافئة الفرص لجميع المترشحين .. إلا أنه قد يكون هو الخيار الأوحد لشعب يريد نهاية سعيدة لأزمات وصعوبات حادة دخلت فيها مصر على مدى (3) سنوات ومازالت تعاني منها حتى الآن ..
•• وفي هذه الحالة .. فإنه لا السيسي مسؤول عن انسحاب الآخرين من ساحة السباق المفتوحة أمام الجميع .. ولا الشعب المصري الذي اختاره ووثق فيه وحمله الأمانة مسؤول هو الآخر عن غياب مرشحين أقوياء لخوض سباق الرئاسة بالكفاءة التي ينشدونها في الرئيس القادم.
•• وفي هذه الحالة أيضا فإن على الشعب المصري أن يتحمل ما قد يترتب على وقوع السيناريو الثاني أو الأول وأن يقف بقوة وراء مرشحه وأن يتضامن فيما بينه كي تتواصل عملية تنفيذ المرحلة الثانية من التغيير التي ستعقب انتهاء تنفيذ خارطة المستقبل والتي تركز على إعادة بناء مصر قوية على يد الرئيس عبدالفتاح السيسي كخيار أمثل للحد من الأخطار والتحديات الكبيرة التي ستواجهها البلاد بعد تسلمه مقاليد السلطة مباشرة وبدرجة قد تفوق كل ما حصل حتى الآن في البلاد.
• مصر خلال الأيام أو الساعات المقبلة
•• لكن السؤال الآن هو:
•• إلى أين تتجه مصر بعد اليوم؟
•• من الواضح أن ما شهدته وتشهده مصر منذ ما قبل صدور بيان الإنذار الأول من القوات المسلحة وحتى الآن يسير بدقة محكمة وفقاً لرؤية استراتيجية واضحة في ذهن الرئيس القادم عبدالفتاح السيسي .. بدأت بتدارس عدد من القيادات العسكرية القريبة منه لمجمل الوضع وتطوراته في البلاد منذ النصف الثاني من فترة تقلد «مرسي» السلطة وبداية ممارسته لسياسات «الأخونة» وتقسيم الشعب المصري وتصنيفه.
وقد ترتب على هذا التدارس بين القيادات العسكرية الوطنية للموقف .. إعداد خطة محكمة هدفها تأمين البلاد وتعزيز قبضة القوات المسلحة في الداخل استعدادا لإنهاء حالة الاحتقان بين الرئاسة وبين القوى السياسية والشعب بوضع اليد على مفاصل السلطة منعاً لأي تداعيات واحتمالات .. وعلى هذا الأساس تمت الخطوات التالية بإحكام.
(1) اجتماع «السيسي» بالرئيس السابق (مرسي) وإحاطته بصعوبة الموقف ونصحه له بقبول فكرة الانتخابات المبكرة لإجهاض أي نوايا تستهدف سلطة الرئاسة ..
(2) إصدار القوات المسلحة بيانها الأول بلغة بدت فيها وكأنها تهدد القوى السياسية خارج السلطة وتنذرها من مغبة التصعيد .. وذلك بعد أن ضمنت القوات المسلحة عدم حدوث أي ردود فعل سلبية من (مرسي) ضد الجيش من شأنها أن تعرقل خطة التغيير المدروسة بعناية.
(3) إصدار القوات المسلحة لبيانها الثاني بإعطاء مهلة (48) ساعة للجميع (رئاسة وقوى سياسية) بضرورة حسم الوضع .. بعد أن أكملت القوات المسلحة كافة ترتيباتها لاستلام مقاليد الأمور .. وهو ما شعر معه مرسي مساءً بحقيقة ما يحدث وألقى في ضوئه خطاباً متشنجاً .. برر تنفيذ بقية الخطة وإخراجه من دار الرئاسة والتحفظ عليه بعيداً عن الأخطار .. وتسلم الجيش لمهامه بعد خروج الشعب إلى الشارع في 30 يونيو 2013م في أول مباركة حاشدة للتغيير .. وظهور السيسي لأول مرة كبطل وطني وقومي حتى شبهه الكثيرون لحظتها بالرئيس الأسبق جمال عبدالناصر.. مع الفارق.
(4) أعلن الفريق أول (آنذاك) عبدالفتاح خارطة المستقبل في 3/يوليو/2013م وسط كوكبة محترمة من فعاليات الشعب المصري الأبرز بكامل بنودها الثمانية بادئة مرحلة التغيير الجاد والمنظم .. بتعيين رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور رئيساً للبلاد وفقاً لمنطوق الدستور .. وكذلك تعيين رئيس حكومة انتقالية هو الدكتور حازم الببلاوي، ومروراً بتشكيل مجموعة الخبراء العشرة ومن ثم مجموعة الخمسين التي انتجت الدستور .. وتصويت الشعب عليه بأغلبية (98.8%) الساحقة، وانتهاء بالتقاء الرئيس بأكثر فعاليات مصر السياسية والحقوقية المدنية والشبابية والروحية .. لتدارس موضوع تعديل «خارطة المستقبل» وإعلانه يوم الأحد 26 يناير 2013م عن تقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية كحق دستوري يملكه هو وفقاً للمادة (230).
(5) صدور قرار الرئيس (عدلي منصور) في اليوم التالي بترقية الفريق أول عبدالفتاح السيسي إلى رتبة مشير .. واجتماع المجلس العسكري في ذات اليوم لإعلان إذعانه لإرادة الشعب بترشح «السيسي» للانتخابات الرئاسية القادمة.
•• حدث كل هذا بدقة متناهية .. وبخطوات محسوبة .. تمشيا مع نصوص الدستور الجديد .. فماذا يُنتظر اليوم أو في الأيام القليلة القادمة؟
• ترتيبات سابقة للاستقالة
•• لم يصل الرئيس القادم لمصر عبدالفتاح السيسي إلى هذه المرحلة التي تقترب الآن من خلعه «البدلة العسكرية» والانخراط في الإعداد لانتخابات الرئاسة إلا بعد أن رتب البيت من الداخل .. ووضع أمام الرئيس (عدلي) اختيارات واضحة ومحددة لقيادات عسكرية قادرة على المضي بالقوات المسلحة المصرية في ذات الطريق الذي رسمه لها وتبعاً لما تحتمه عقيدتها المهنية وتتعزز معها مكانتها في تأمين السلامة العامة للبلاد.. وفي مقدمة هذه الاختيارات اسم وزير الدفاع الذي سيخلفه «الفريق صدقي صبحي سيد».. رئيس الأركان الحالي .. وهو شخصية عسكرية محترمة ولدت عام (1955م) وتدرجت في السلك العسكري وحصل على زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 2000م وهو نفس العام الذي حصل فيه المشير عبدالفتاح السيسي على هذه الرتبة ثم حصل على زمالة كلية الحرب العليا الأمريكية عام 2005م وتولى قيادة أركان عدة فرق عسكرية بالقوات المسلحة إلى أن رقي إلى رتبة فريق في أغسطس 2012م أُختير على إثرها رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة المصرية.
•• هذا الاختيار إذن لم يكن اختياراً عفوياً وإنما كان اختياراً مدروساً مهد لاختيار قيادات عسكرية أخرى في مقدمتها رئيس الأركان القادم .. توفيراً لمنظومة عمل قوية ومتجانسة مع الرئيس القادم بعد صدور قرارات الرئيس بتنصيبها في مواقعها إثر قبوله استقالة المشير عبدالفتاح السيسي مباشرة من منصبه الحالي كنائب لرئيس الوزراء ووزير للدفاع والإنتاج الحربي والقائد العام للقوات المسلحة.
•• هذه الاستقالة باتت الآن متوقعة في أي لحظة .. فهي قد تتم اليوم وأثناء حضور «السيسي» مجلس الوزراء كآخر جلسة له فيه .. وقد يكون الإعلان عنها قبل (18 فبراير القادم) وهو اليوم الذي سيعلن فيه عن فتح باب الترشح لمنصب الرئيس .. وقد يكون بعد يومين أو ثلاثة حتى تباشر القيادات العسكرية الجديدة مهامها من الآن وتتحمل أعباء المسؤولية في وقت مبكر وكافٍ لمواجهة مسؤولياتها في تأمين الانتخابات الرئاسية القادمة الممتدة ما بين شهر وثلاثة أشهر وفقا للدستور الجديد وإن كان المتوقع لها أن تتم بعد أقل من شهرين على وجه التحديد.
•• وما أميل إليه وأتوقعه هو أن اجتماع الرئيس الحالي (عدلي منصور) بالمشير عبدالفتاح السيسي قد حسم المسألة لصالح التبكير بموعد الاستقالة خلال ساعات ومن ثم صدور قرارات التعيين للقيادات العسكرية .. وانخراط السيسي نفسه في الإعداد لحملة الانتخابات بالتعاون مع كل من الرئاسة والقوات المسلحة وأجهزة الأمن المختصة من خلال القنوات الرسمية التي تدرك أهمية استمرار دوره في هذه المرحلة لضمان استمرار التماسك بين مؤسسات الدولة المختلفة توفيراً للحد الأعلى من السلامة للوطن من جهة وللمشير السيسي من جهة ثانية وصولاً إلى انتخابات رئاسية نظيفة .. وشفافة .. ونزيهة .. حسمت نتيجتها في الواقع حتى قبل أن تبدأ بإرادة شعبية غير عادية.
• مستقبل «السيسي» الرئيس:
•• لكن السؤال الآن هو .. كيف هو مستقبل السيسي بعد ترؤسه لجمهورية مصر العربية .. وما هي علاقته المرتقبة بكل من القوات المسلحة ومجلس النواب المرتقب انتخابه في ضوء الدستور الجديد؟
•• الجواب هو .. أن السيسي وإن كان شخصية استثنائية بكل المقاييس لما يتصف به من خصائص إلا أنه سيظل الشخصية الأولى في الدولة المصرية للأسباب التالية:
(1) أن صلاحيات الرئيس التي كفلها «الفصل الثاني» من الدستور «الفرع الأول» تتمثل في:
أ/ أنه رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية بموجب المادة (139).
ب/ أنه منتخب من معظم الشعب المصري وليس من (25) مليون مواطن وفقاً للمادة (142).
ج/ أنه يكلف رئيساً لمجلس الوزراء (يختاره هو) بتشكيل الحكومة حسب المادة (146).
د/ أنه وبالتشاور مع رئيس الوزراء (الذي اختاره هو) يختار وزراء الحقائب السيادية الرئيسية) الدفاع والداخلية والخارجية والعدل. كما في المادة السابقة.
ه/ أن لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب الذي ستكون له بصمته القوية في تشكيله، كما أن له حق إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الوزراء وأغلبية مجلس النواب وفقاً للمادة (147).
و/ أن للرئيس دعوة الحكومة للاجتماع برئاسته للتشاور في الأمور المهمة .. كما في المادة (149).
ز/ أنه يضع بالاشتراك مع رئيس الوزراء السياسة العامة للدولة وفقاً للمادة (105).
ج/ أنه يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب بناء على المادة (151).
ط/ أن الرئيس يملك حق إصدار قرارات بقوانين إذا كان مجلس النواب غير قائم .. حسب المادة (156).
ي/ أن من حق الرئيس أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا (المادة 157).
ك/ أن لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب عند الضرورة وبقرار مسبب وبعد استفتاء الشعب وفقاً للمادة (137)
(2) والأهم من كل هذا هو:
أ/ أن «رئيس الجمهورية» هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وأن بإمكانه أن يعلن الحرب ويرسل القوات المسلحة في مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني (الذي خرج هو من نسيجه) .. وبالذات قبل تشكيل مجلس النواب وفقاً للمادة (152) من الدستور الجديد.
ب/ كما أن رئيس الجمهورية يعين الموظفين المدنيين والعسكريين والمحكمين السياسيين ويعفيهم من مناصبهم ويعتمد الممثلين السياسيين للدول والهيئات الأجنبية أيضاً حسب المادة (153).
ج/ إضافة إلى أن بإمكانه إعلان حالة الطوارئ بالبلاد بعد أخذ رأي مجلس الوزراء (إذا اقتضت الظروف ذلك في الوقت الراهن) كما نصت المادة (154).
(3) ولا تقل أهمية عن ذلك صلاحية الرئيس في العفو عن العقوبة أو تخفيفها بعد أخذ رأي مجلس الوزراء كما أن من حقه (قبل تشكيل مجلس النواب) أن يصدر قانوناً بالعفو الشامل أيضاً. وفقاً للمادتين (155) و (156) من الدستور..
•• وهو ما يمنحه الحق في تغليب مصلحة البلاد على أي مخاوف أخرى .. تبرز غدا إذا هو وجد أن في اتخاذه قرارات من هذا النوع ترسيخاً لقواعد السلامة والوحدة الوطنية وإيقاف حالة الانقسام في الشارع المصري وإعادة بناء اللُّحمة الوطنية وقت يرى ذلك ممكناً ومناسباً.
•• هذه النصوص الدستورية الواضحة لا تجعل منصب الرئاسة في وضع شرفي كما يتردد في بعض الأوساط .. بل إنها تعطي الرئيس صلاحيات هامة ومفصلية .. يتوقف استخدامها إلى حد كبير على شخصيته .. وتكوينه .. وصفاته الشخصية وعلى مستوى التعاون والتنسيق بينه وبين سلطات الدولة الثلاث .. وذلك متحقق بشكل كبير في حالة «السيسي» بصورة أكثر تحديداً ..
×××
•• وأخيراً فإن اليوم وبقية الأيام القليلة القادمة تحمل الكثير لمصر .. ولشعب مصر .. وللمنطقة بأسرها لكن المؤشر الأقوى في كل ذلك هو أن فرص تخطي مصر لمصاعبها الحالية تكبر بمرور الأيام .. وأن الانتهاء من الانتخابات الرئاسية في الوقت المحدد لها وربما قبل ذلك بشهر .. سوف يساهم في الإعداد الجيد لانتخابات لا تقل نجاحاً للبرلمان القادم بعد أن تكون السلطة التنفيذية بجانبيها الرئاسي ورئاسة الوزراء قد أرست قواعد العمل المنظم لدولة القانون في ظل سلطة قضائية متماسكة ومتناغمة وقوية وكاملة الأهلية أيضاً تمهيداً لإتمام الخطوة الثالثة والأخيرة بانتخاب مجلس نواب لا يخشى من سيطرة قوية للمعارضة عليه .. استكمالاً لمنظومة العمل الساعية إلى قيام الدولة المصرية القوية التي تسمح للرئيس الجديد بإصدار قرارات مفصلية وشجاعة هدفها توحيد مصر وشعب مصر حول مصير مشترك واحد في السنتين الأوليين من الفترة الرئاسية .. والانتقال بعد ذلك بالاقتصاد المصري إلى مستوى أفضل يوفر العيش الآمن والكريم للشعب المصري في نهاية السنوات الأربع .. والصعود بهذا الهدف في الفترة الرئاسية الثانية إلى مرحلة التأثير الأقوى على المستويين الإقليمي والعالمي بكل تأكيد لدولة تستعيد كل مصادر القوة وتحسن توظيفها وتأمين الاستقرار لها ولمنطقتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.