يسجل حضورا متواضعا هنا كل أسبوع أبعد ما يكون عن الصورة النمطية الضيقة الشائعة عنه.. التي ربما يصدقها هو عن نفسه أحيانا...! *** قامت فورا من مجلس النساء الذي تتحلق فيه مجموعة لا بأس بها من النسوة محترفات النميمة..! وذهبت للسيدة التي تتعافى لتوها من خروجها بالسلامة من ولادة متعبة احتوت الرضيع بين ذراعيها وقبلت جبينه وقالت لأمه: ما أجمل ما أنجبت عزيزتي .. ونظرت للمهد بين ذراعيها تناغي الجسد الغض فيه: «وعاشت الأسامي يا عبدالله... حفظك المولى ورعاك.» شكرتها الأم: «شكرا لزيارتك وحمى الله عيالك وأبناءهم غاليتي «أم عبدالله» وابلغك في عبدالله عريسا قريبا يا رب.» .. هنا نظرت أم عبدالله الكبير مباشرة في عين أم عبدالله الصغير بحنان لا يخلو من حزم: « في تجربة الأمومة لا يسع الواحدة منا سوى أن تدعو لأبنائها بالسعادة بالطريقة التي ترضيهم، وهو جل الأمنيات الصادقة النابعة من قلب أم أمنياتها تذوب في أحلامهم.....» ...بعد السلام ومغادرة المكان... وهي في الطريق لمنزلها... سرحت أم عبدالله في همها الكبير.. ابنها البكر... لا يقلقها مسلكه، فهي تعلم حجم ما يتمتع به من نبل أخلاق وتهذيب سلوك. ما يقلقها شيء آخر.. ربما نستطيع أن نقول بأنه سر الأسرار... سر لم يبح به يوما صغيرها الذي بلغ الثانية والأربعين... لكنها الأم، التي ربت وسهرت وعلمت وفنت عمرها محاطة بعالم حركاتهم وسكناتهم... هي وحدها المؤهلة لتعرف مكامن الأسرار العميقة في جوف أبنائها.... أبناؤها كانوا يوما أطفالا، وهم اليوم رجال ونساء مجتمع محترمون لا تزال قادرة على فك شفرات الآهات المموهة والمحجوبة التي تكتمها حناجرهم وينطق بها كيان أحدهم... فهو لا يزال كيانا ذات الطفل من أطفالها، وإن تضخم واستطال وغزت شعر رأسه بضع شيبات بيض...... ... ما يقلقها أن هنالك كثرا يزيدون على عبدالله هم وحدته...! ... حين فتحت باب المنزل تناهى لسمعها صوت ذات الشجار من طرف واحد...! الأب يعلي صوته بالصراخ وبتأنيب لا معنى له..!! كمن يتسبب الأسباب ليفرغ احتقانه في ابنه البكر. ضناها....!! قررت هذه المرة التدخل والغيظ يشحذ خطواتها على درج البيت... فتحت باب مكتب الوالد ونهرت: «صوتك يا أبا عبدالله وصل إلى سابع جار هلا هدأت وتركت ابنك وشأنه..!!» عبدالله عليك مني حلفان بآيات الله أن تغادر الآن يا بني وتتركني مع والدك... نظر عبدالله لعيني والدته قبل أن يغادر .. وجدها كعادتها تهديه نظرات الحنان والتفهم والثقة والثبات..! لم تحادث زوجها بعد مغادرة عبدالله.. بل احتضنته بقوة..! كطفل آخر من أطفالها... سألته بابتسامة: «ألم يعلمك كتاب من كتبك المكدسة هنا أنك لا ولن تغير ما كتبه الله..!» «هون على نفسك وارحم ضعف سنك، الاحتقان الذي أنت فيه لم يتسبب فيه فلذة كبدك المحب الرضي...! اجتهد أن تفخر به... وخلص رأسك من غيوم سوداء أهدتها لك عواصف منظومة اجتماعية لا ترحم...!! لقد رأيتهم اليوم كما أراهم في كل يوم.. يستسهلون الحكم على الآخرين وينسون أنفسهم..! يؤلبون الإنسان على نفسه، وولده. لا لذنب في حق أحد ارتكبه أحدهم.. لا تسمح لهم بعقاب ابنك كونه لم يستطع استنساخهم في ذاته.!! أنسي حياته الخاصة التي لا تخصك بالمناسبة... وتذكر سعادتنا حين أنجبناه؟ تفكر معي لم أسميناه عبدالله؟ لأن له ربا يحميه ويرعاه.. ارحم نفسك وارحمه وسلم وانطق معي... ونعم بالله. [email protected]