شكل سكانه في الماضي نسيجا اجتماعيا وحالة فريدة من الترابط، بالرغم من اتساع رقعته الجغرافية بعد أن اندمجوا في بوتقة واحدة.. يمتلك صفات وسمات رائعة تمثل احد مكونات النسيج المترابط لحارات المدينةالمنورة العتيقة.. ارتبطوا في النسب بين بعضهم وشكلوا هوية مصغرة للمجتمع المدني المطعم بالتراث الحجازي الأصيل.. إلا أنه تحول في الفترة الأخيرة إلى (حي الغرباء) بعد أن بات المأوى الآمن للكثير من العمالة الوافدة.. إنه حي المصانع القريب من المسجد النبوي الشريف.. كيف فقد وهجه وبريقه فدعونا نتعرف على أبرز تلك المتغيرات على لسان سكانه الأصليين. هجرة السكان «عكاظ الأسبوعية» نفذت جولة ميدانية على الحي، وكان اللافت كثرة العمالة الوافدة المنتشرة في الشوارع والتي تزاول مختلف المهن.. صرافة.. تجارة.. سمسرة.. تأجير دور سكنية ومحال تجارية من الباطن حسب طلب الزبون، وفي أطراف الحي هناك بعض السكان من المواطنين المتمسكين بحيهم بالرغم من انتقال أعداد كبيرة منهم إلى أحياء أكثر تنظيما، وهنا قال المواطن محمد عمار من سكان الحي، إن نسبة العمالة الوافدة في الحي تتجاوز 90 في المائة من مجموع السكان بعد هجرة أهل الحي الأصليين. واضاف «الحي يجاور المسجد النبوي الشريف والمنطقة المركزية، وهو ما ساعد على التواجد الكثيف للعمالة الوافدة التي تتنقل بسهولة بين الأحياء القريبة والمنطقة المركزية، لذلك يستأجرون الفنادق والدور السكنية ويتقاسمون قيمة الإيجار ويؤجرون شققا سكنية من الباطن في حي (العنابية) و (السمانية) والان يشرفون على الفنادق والمحال التجارية ويديرون الكثير من المحال التجارية والدور السكنية». وقال سبق وأن نفذت العديد من الحملات الأمنية ونجحت الأجهزة الأمنية في القبض على كثير من المخالفين وقال «آمل مع القرارات التي صدرت مؤخرا تصحيح أوضاع العمالة الوافدة ووضع حد لهذه المخالفات والتجاوزات». وزاد «كان سكان الحي في الماضي يشكلون نسيجا اجتماعيا مترابطا، تجمعهم حقوق الجيرة والود والتقدير والاحترام المتبادل، وكان يمثل نموذجا للقرية الصغيرة التي يعرف اهلها بعضهم جيدا، أما الآن لا يمكنك معرفة من يسكن هذه الدار أو هذا المسكن، بعد تحوله إلى مأوى للغرباء». نظافة معدومة من جهته، ذكر خالد المغدوى، أن منازل الحي تحولت إلى مأوى للعمالة الوافدة النظامية وغير النظامية، إلى جانب بعض السكان الأصليين الذين فضلوا البقاء لقرب الحي من المسجد النبوي الشريف، وقال «النظافة متدنية أو معدومة داخل الحي وروائح الأطعمة تنبعث من كل مكان، خاصة وأن معظم المطاعم لا تلتزم بمعايير النظافة والاشتراطات الصحية، في حين يفترش أعداد كبيرة من العمالة الوافدة الارض بجوار منازلهم ويؤثرون سلبا على نظافة الشوارع والطرقات»، ويضيف «أعلنت الجهات المعنية بإزالة الحي بالكامل مع التوسعة الجيدة للمسجد النبوي الشريف، وأتمنى قبل إزالتها توثيق مسيرة هذا الحي الذي كان يوما مضربا في المثل في الوفاء بين سكانه، وتسليط الضوء على ابنائه الذين نال الكثير منهم شهادات علمية وقدموا خدمات جليلة للوطن في مختلف النواحي». وأردف المغذوي «كان الحي يقطنه كثير من عائلات المدينةالمنورة المعروف عنهم المحبة والأخلاق الحميدة، إلا أن الأيام فرقت بينهم، واخذ كل واحد منهم طريقه في هذه الحياة، ومنهم من توفي الى رحمة الله». فقد بريقه بدوره قال محمد عبدالصمد (من سكان الحي) إن حي المصانع كان يتميز في السابق بالكثير من السمات الطيبة عكس ما هو الآن، ويعيش حاليا لحظاته الأخيرة بعد أن فقد بريقه في السنوات الماضية، وكان في السابق يدير أبناء الحي أعمالهم وتجارتهم بأنفسهم، وحتى الحرف اليدوية كان الأهالي هم من يمارسونها، وقال «مشكلة المصانع لا تختلف كثيرا عن المشكلات التي تعاني منها الأحياء المجاورة للمنطقة المركزية مثل السيح، العطل وقربان، وحتى حي المغاربة وهذه الأحياء فقدت الكثير من بريقها وأصبحت أحياء غرباء بلا منازع». وتابع «لا نعرف تحديدا متى سيتم إزالة الحي لكن بالتأكيد أن النواحي السلبية ستنتقل إلى الأحياء المجاورة بعد انتقال العمالة الوافدة إلى الأحياء المجاورة وعلى الجهات المعنية وضع حد لسلبياتهم، خاصة وأنهم يمارسون أعمالا مثل السمسرة، تأجير الدور السكنية في الباطن، صرف العملات وبما يؤثر سلبيا على النواحي الاقتصادية والأطر الاجتماعية».