تقرير لجنة الدفاع المدني المكلفة بمتابعة إشكالات السلامة بمستشفى الولادة والأطفال في المساعدية بجدة لا يثير الرعب فحسب، وإنما يثير الاستغراب كذلك، ولا يفرض على الصحة اتخاذ إجراءات سريعة تجنب النساء الحوامل والأطفال والكوادر الطبية العاملة في المستشفى عواقب كارثة وخيمة محتملة فحسب، بل يفرض على الدفاع المدني تغيير آلياته وطرقه في الكشف عن مدى سلامة المنشآت وتوفر وسائل الأمان فيها كذلك. تقرير الدفاع المدني لا يشير هذه المرة إلى تهالك منشأة طال أمد استخدامها وانتهى عمرها الافتراضي، وإنما يتحدث عن خلل إنشائي يجعل من المنشأة «غير صالحة» للاستخدام أساسا. وحسب التقرير، فإن «المبنى في الأساس غير مهيأ تماما لدخول آليات الدفاع المدني في حالة حصول حريق، وأقسام الحضانة تعد مليئة بأنابيب أسطوانات الأكسجين التي تعد سريعة الاشتعال في حالة الحريق، ولا توجد وسائل إطفاء فعالة للحريق بالرش، ولا توجد مخارج طوارئ آمنة لإخلاء الأطفال المنومين والطاقم الطبي». كان يمكن لهذا التقرير أن يكون مخيفا فحسب لو أن المنشأة التي يتحدث عنها منشأة حديثة، والمبنى الذي يشير إليه مبنى جديد، غير أننا حين نعلم أن هذا المبنى له من العمر نصف قرن، فإن مصدر العجب عندئذ يتمثل فيما يثيره من تساؤل عن صمت الدفاع المدني عن هذا المبنى طوال هذه الفترة، وإذا كانت هناك ملاحظات وتقارير سابقة للدفاع المدني على هذه المبنى، فهل كان الدفاع المدني يرصدها ويبلغ بها وزارة الصحة من باب إبراء الذمة فحسب، دون اتخاذ أي خطوات جادة تكفل سلامة المرضى من النساء والأطفال وكذلك الكوادر الطبية العاملة في المستشفى؟ وإذا كان تقرير لجنة الدفاع المدني يشير إلى تحسينات ذاتية وتعديل لمخارج الطوارئ أجرتها إدارة المستشفى بجهود ذاتية ويصفها بأنها «غير كافية»، فهل تمت هذه التحسينات والتعديلات بناء على ملاحظات سابقة للدفاع المدني، أم بناء على استشعار إدارة المستشفى للخطر؟ وكلا الاحتمالين خطير، فإذا كانت بناء على ملاحظات الدفاع المدني، فلماذا لم يطلع الدفاع المدني عليها قبل تنفيذها، ولماذا لم يشرف عليها خلال التنفيذ؟ وإذا كانت استشعارا من إدارة المستشفى للخطر، فأين كان الدفاع المدني وجولاته للكشف عن سلامة هذه المنشأة؟ وأيا كان الجواب، فليس للمواطنين إلا أن يحمدوا الله على سلامة أطفالهم وزوجاتهم طوال هذه المدة، وأن يسألوا الله تعالى أن يتم اتخاذ ما يتطلبه الأمر من إجراءات قبل أن نستيقظ على كارثة سوف يعلن الدفاع المدني براءته منها ويؤكد: إحنا قلنا لهم بس ما سمعوا كلامنا.