وأنت تتمشى في المنطقة التاريخية في جدة تسطع في ذاكرتك بقايا الرواشين وحكايات الأمس، غير ان هذه الصورة النمطية سرعان ما تنقلب إلى لوحة مليئة بالثقوب حينما تشاهد بعض البيوت التاريخية في قبضة الإهمال والنسيان لدرجة أنها أضحت سكنى أو مستودعات لبعض المحال التجارية في أسواق البلد. وبين الإهمال والطموحات لجعل المنطقة التاريخية متوهجة بالعطاء فإن هذه المنطقة تتطلع إلى إعادة ترميمها مع الحفاظ على التراث القديم ويبدو أن الاتفاقية التي أبرمت مؤخرا بين أمانة جدة وهيئة السياحة والآثار وإحدى الشركات بمثابة أول الغيث لاستعادة بريق جدة القديمة من خلال سلسلة مشاريع تطويرية بها، إذ إن هناك خطة لفرض رسوم على أصحاب المحال في المنطقة من أجل استخدامها في ترميم الذاكرة التاريخية لعروس البحر الأحمر. ويعتقد فهد الغامدي (من سكان حارة المظلوم) أن خدمة وتأهيل ورعاية المنطقة والأحياء الشعبية في عروس البحر الأحمر هي الأمر الذي لا بد أن يقوم به المسؤولون عن هذه المشاريع، مشيدا بدور المجلس البلدي الذي يقوم بالتواصل مع عمد الأحياء وذلك للوقوف على مطالب أهالي وسكان الأحياء والتعرف على الملاحظات الموجودة لديهم التي يعاني منها السكان للسعي في حلها ومعالجتها بأسرع وقت، مشددا على أهمية استثمار القيمة التاريخية لجدة القديمة. من جهته، اوضح علي العماري ضرورة أن يكون وجه جدة القديمة مزدانا بالتطوير والمشاريع التي تعيد شبابها من خلال الترميم والتعديل لأن تاريخ جدة القديم لا بد أن يستثمر ويظل ساكنا في الوجدان، مضيفا أن هيئة السياحة والآثار مطالبة بالاستثمار وفق خطوات محسوبة إذ إن مثل هذه الأماكن التاريخية تعد قلب الحدث وأهم مكان على جدول زيارات السياح. واعتبر سعيد القحطاني أن المشاريع المزمع إقامتها ستكون فرصة مهمة للاهتمام بالجانب التراثي وترميم المنطقة التاريخية واستثمارها.وفي موازاة ذلك أوضح رئيس المجلس البلدي بجدة الدكتور عبدالملك الجنيدي أن المجلس يجتهد ويعمل مع الملاك لجذبهم إلى المنطقة التاريخية من جديد ونطمح إلى أن يطوروها ويعيدوا استخدامها حتى لو كان ذلك مقتصرا على المناسبات، مضيفا: ستطرح شركة غير ربحية تهدف إلى تحسين المنطقة التاريخية وفرض رسوم رمزية على المحال التجارية في سبيل تحسين الخدمات وذلك لاستثمارها في ترميم المباني الآيلة للسقوط لتستعيد توهجها. إلى ذلك قال الدكتور عدنان عدس أستاذ العمارة في جامعة الملك عبدالعزيز إنه يجب التفريق بين الترميم العشوائي والاحترافي وأغلب المباني الموجودة تحتاج إلى ترميم بطرق احترافية حتى يعاد استخدامها بشكل جديد ومختلف، مضيفا أن الشركة التي تم الاتفاق معها الآن هي رائدة في هذا المجال وحضرت لتتم الاستفادة من خبراتها وإمكانياتها.