مأساة الطفلة لمى الروقي التي سقطت في بئر بوادي الأسمر بتبوك، ولا يزال البحث عنها جاريا. وتشكل الآبار المكشوفة في نجران خطرا كبيرا على حياة السكان، خاصة صغار السن، الذين لا يدركون هذه المخاطر التي ما زالت قائمة بعد معالجات خجولة من بعض الإدارات المعنية. وكشفت «عكاظ» عن عدد من الآبار المكشوفة والمستنقعات المائية الواقعة في بعض القرى وقصر الإمارة التاريخي بمدينة أبا السعود، ورصدت أيضا الحفر التي تحولت إلى مستنقعات مائية مشكلة مصائد لضحاياها، كونها تهدد المارة والسكان المجاورين لها. وواجهت «عكاظ» مدير الدفاع المدني بمنطقة نجران العميد عايض بن جمعان الغامدي بمخاوف وشكاوى الأهالي وسألته عن أسباب عدم ردم الآبار التي تشكل خطرا على حياة الناس لتبديد مخاوفهم، فقال إن إزالة خطر الآبار المكشوفة ليس من مسؤولية الدفاع المدني، وإنما يقع ضمن مسؤوليات مديرية المياه وأصحاب الآبار، مبينا أن إدارته قامت بحصر الآبار التي تشكل خطرا على السلامة العامة، وخاطبت مديرية المياه بالمنطقة بصفتها الجهة المشرفة على الشركة الموكل إليها ردم هذه الآبار وإزالة الأخطار. وكشف الغامدي عن حصر 1609 آبار خطيرة، وأنه تم استدعاء أصحاب 889 بئرا وأخذت عليهم إقرارات بإزالة الخطر وتم ذلك فعليا، وردم 200 بئر من قبل الدفاع المدني، وإزالة الخطر عن 1090 بئرا كجهود ومبادرات ذاتية من باب رصد المخاطر ومخاطبة الجهات المعنية. وأفاد أن عدد الآبار التي لا تزال تشكل خطرا يصل إلى 519 بئرا تقريبا أخذت على أصحابها إقرارات بمعالجة أوضاعها، رغم أن ذلك يقع ضمن مسؤوليات مديرية المياه كونها المشرفة عليها، مشيرا إلى أن البئر المكشوفة مسؤولية صاحبها، ودور الدفاع المدني مباشرة أي حوادث تتسبب فيها هذه الآبار. في المقابل دافع مدير عام المياه بالمنطقة المهندس محمد بن حسين آل دويس عن إدارته، وقال «لسنا المسؤولين عن مخاطر الآبار المكشوفة فالمسؤولية تقع على أصحابها»، مبينا أن المديرية تعمل على تنفيذ مشروع الآبار المهجورة الذي يتضمن ردم الآبار المهجورة والجافة سواء كانت أنبوبية أو مفتوحة وإغلاق فوهة الآبار باللحام وتسويرها بشبك حديدي، إلا أن هذا المشروع واجه عائقا كبيرا يتمثل في اعتراض المواطنين على ردم آبارهم. وأضاف المهندس آل دويس، أن إدارته طلبت من الإمارة تشكيل لجنة مهمتها أخذ إقرارات على المواطنين بالموافقة على ردم الآبار التي تشكل خطورة وفي حالة الرفض تكون البئر تحت مسؤولية صاحبها، وصدرت الموافقة وتم تشكيل اللجنة التي تعمل حاليا على حصر الآبار المتبقية لطرحها في منافسة عامة. وقال المواطن محمد سعيد من سكان قرية زوروادعة، إن البئر التي تجاور منزله قديمة ومكشوفة وتشكل خطرا على السكان من حوله، خاصة الأطفال الذين يمارسون ألعابهم بجوارها ولا يدركون خطورتها، مشيرا إلى أنه تم إبلاغ الدفاع المدني بالخطر وتم إعداد محضر، ولكن حتى اليوم لم تردم، مطالبا الجهات المعنية بالتصدي لمسؤولياتها بدلا من التباكي بعد وقوع الخطر، خاصة أن هذه البئر لم تعد تستخدم. ولم تقتصر المخاوف على الأطفال، حيث أبدى ناصر شرهوف آل عباس (سبعيني من ذوي الاحتياجات الخاصة)، تخوفه من سقوط سيارته في البئر، مشيرا إلى أنه عجز عن إزالة خطرها بعد مطالبات متكررة بردمها، مبينا أنها تحولت إلى مرمى للنفايات، ومصدرا للروائح الكريهة، وتشكل خطرا على حياته وحياة الآخرين. ووقفت «عكاظ» على بئر قصر الإمارة التاريخي بحي أبا السعود الذي يقع تحت إشراف هيئة السياحة، ولوحظ بأن البئر مغطاة بسياج حديدي، مع وجود فتحات تشكل مساحات تشكل خطرا على حياة الأطفال، خاصة في ظل ارتياد الكثيرين من السياح وعشاق الآثار لهذا الموقع الهام. وطالب أهالي المنطقة بسرعة تحرك الجهات المعنية في ردم جميع الآبار التي تشكل خطرا على حياة أطفالهم، وردم الحفر التي شوهت وادي نجران وأصبحت فخا للأطفال بدلا من تقاذف المسؤولية إلى أن تبتلع الضحايا وتتكرر مأساة طفلة تبوك. من جهة أخرى، أكد ل«عكاظ» الناطق الإعلامي للدفاع المدني بعسير العقيد محمد بن عبدالرحيم العاصمي، أن بعض آبار المنطقة تفتقر إلى وسائل السلامة تماما، كونها تمثل خطورة على الأطفال، مفيدا بأنه يتم استخدام مكائن تعمل بالوقود، لرفع المياه المتواجدة بالآبار، نظرا لبعد غالبيتها عن مصادر التيار الكهربائي نتيجة انبعاث العادم مما يؤدي إلى الاختناق. وعن إجراءات الدفاع المدني الاحترازية أفاد أن مديرية الدفاع المدني بمنطقة عسير قامت بحصر الآبار المتواجدة بكافة المحافظات بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة للوقوف على مدى توفر وسائل واشتراطات السلامة لتلك الآبار، وجرى رفعها للجهات العليا لإقرار وتفعيل التوصيات وبناء على ذلك صدرت توجيهات بإقرار هذه التوصيات وإنفاذها، كما تم توجيه مشايخ ونواب القبائل والعمد عن طريق إمارة منطقة عسير لبحث خطورة ومعالجة وضعها وتوفير وسائل ومتطلبات السلامة بها. وأضاف أن الدفاع المدني يقوم وبشكل مستمر بالتنسيق مع كافة المحافظات بمنطقة عسير بتشكيل العديد من اللجان ومنها لجان تنظيف الأودية وإزالة العوائق وحصر الحفر والمستنقعات الخطرة والسدود الترابية العشوائية التي تشكل خطورة وكذلك لجان التعديات على مجاري الأودية والشعاب ومن ثم رفع كافة نتائجها إلى أعلى سلطة إدارية في المحافظة أو المنطقة لتكليف الجهات المعنية بمعالجة الموقف كل فيما يخصه. وعن ما يتعلق بالمسابح في الاستراحات والفنادق والنوادي الرياضية والمواقع العامة التي تخضع لتصريح من الجهات ذات العلاقة، أكد العاصمي أنها تطبق عليها لائحة اشتراطات السلامة في المسابح المحددة والمتعارف عليها، مشددا على دور التوعية على مدار العام من خلال المحاضرات وتوزيع الكتيبات والنشرات والمطويات الإرشادية التي تشمل مجموعة من الأخطار التي قد يتعرض لها الإنسان. فيما تشكل قضية الآبار المكشوفة في جازان، هاجسا مرعبا في نفوس عدد من أهالي المنطقة، خاصة سكان القرى التي تعج بمئات المزارع وتكثر بها الآبار ويتم حفرها لري المزارع. وطالب الأهالي بإيجاد حل لردم الآبار وتشكيل لجنة للوقوف عليها وحصرها وتوجيه أصحابها بوضع نظام آمن لمنع خطر السقوط في داخلها، كونها تشكل خطرا على حياة الآخرين، خاصة الأطفال. وأوضح عبده معافا أن منطقة جازان بها أكثر من خمسة آلاف قرية يتواجد فيها عدد كبير من المزارع، ويقوم أصحابها بحفر آبار لري مزارعهم ولكنهم لا يشعرون بمدى الخطر الذي تشكله تلك الآبار على حياة الأبرياء، مطالبا الجهات المعنية بردم وإغلاق جميع الآبار المكشوفة، ووضع نظام يحدد عددها، وطرق لمراقبتها تحسبا لسقوط أي جسم غريب بداخلها. فيما قال المواطن محمد حكمي إن هذه الآبار تقلق المواطنين، خوفا من سقوط أحدهم فيها، خاصة أن بعضها محاط بالأشجار الكثيفة ويصعب مشاهدتها عند المرور ويشكل ذلك خطرا على الأهالي. وأفاد عيسى مسملي أن جميع القرى في منطقة جازان تنتشر فيها الآبار المكشوفة وذلك يهدد حياة المواطنين وغيرهم ويتسبب في وقوع العديد من حوادث السقوط والغرق، مطالبا الجهات المسؤولة بوضع حل سريع للوقوف عليها وردمها ومحاسبة المتسبب في وضعها بهذه الطريقة، وإنزال عقوبة صارمة للحد من إهمال أصحابها. وقال المواطن خالد عريشي: إن مخاطر هذه الآبار تزداد عندما يخيم الظلام وعند هبوب موسم الغبار على المنطقة، حيث يقل مستوى الرؤية ما يشكل خطرا على حياة المارة قرب تلك الآبار ويهدد حياتهم بالسقوط فيها.